1
لما رجع عمر من الشام إلى المدينة انفرد عن الناس؛ ليعرف أخبار رعيته، فمر بعجوز في خباء لها، فقال: ما فعل عمر؟ قالت: قد أقبل من الشام سالما. فقال: ما تقولين فيه؟ فقالت: يا هذا، لا جزاه الله عني خيرا. قال: ولم؟! قالت: لأنه ما أنالني من عطائه منذ ولي أمر المسلمين دينارا ولا درهما. فقال: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع ؟ فقالت: سبحان الله! والله ما ظننت أن أحدا يلي على الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها! فبكى عمر، فقال: وا عمراه! كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر! ثم قال لها: يا أمة الله، بكم تبيعينني ظلامتك من عمر فإني أرحمه من النار؟ فقالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله! فقال عمر: لست أهزأ بك، ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين دينارا، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فوضعت العجوز يدها على رأسها، وقالت: وا سوأتاه! شتمت أمير المؤمنين في وجهه؟! قال لها عمر: لا بأس عليك يرحمك الله. ثم طلب قطعة جلد يكتب فيها، فلم يجد، فقطع من مرقعته، وكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي الخلافة إلى يوم كذا بخمسة وعشرين دينارا، فما تدعي عليه عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر بريء منه، شهد علي ذلك وابن مسعود. ثم دفعها إلى ولده، وقال له: إذا أنا مت فاجعلها في كفني ألقى بها ربي.
جرير وعمر بن عبد العزيز
قدم جرير بن الخطفي على عمر بن عبد العزيز عن أهل الحجاز، فاستأذن في الشعر، فقال: ما لي وللشعر يا جرير، إني لفي شغل عنه؟! فقال: يا أمير المؤمنين، إنها رسالة عن أهل الحجاز. فقال: فهاتها إذا. فقال:
كم من طرير أمير المؤمنين لدى
أهل الحجاز دهاه البؤس والفقر
أصابت السنة الشهباء ما ملكت
يمينه فحناه الجهد والكبر
ومن قطيع الحشا عاشت مخبأة
ما كانت الشمس تلقاها ولا القمر
Bilinmeyen sayfa