أشرف النعمان يوما على الخورنق فأعجبه ما أوتي من الملك والسعة ونفوذ الأمر وإقبال الوجوه نحوه، فقال لأصحابه: هل أوتي أحد مثل ما أوتيت؟ فقال له حكيم: أهذا الذي أوتيت شيء لم يزل ولا يزال، أم شيء كان لمن كان قبلك زال عنه وصار إليك؟ قال: بل شيء كان لمن قبلي زال عنه وصار إلي وسيزول عني! قال: فسررت بشيء تذهب عنك لذته وتبقى تبعته! قال: فأين المهرب؟ قال: إما أن تقيم وتعمل بطاعة الله أو تلبس أمساحا وتلحق بجبل وتعبد ربك فيه، وتفر عن الناس حتى يأتيك أجلك. قال: فإذا كان ذلك فما لي؟ قال: حياة لا موت فيها، وشباب لا هرم فيه، وصحة لا سقم فيها، وملك لا يبلى. قال: فأي خير فيما يفنى؟ والله لأطلبن عيشا لا يزول أبدا، وملكا جديدا. فانخلع من ملكه، ولبس الأمساح، وسار في الأرض، وتبعه الحكيم، وجعلا يعبدان الله حتى ماتا.
سبب سلو أم الهيثم
قيل لأم الهيثم: ما أسرع ما سلوت؟! فقالت: إني فقدت منه سيفا في مضائه، ورمحا في استوائه، وبدرا في بهائه، ولكن قلت:
قدم العهد وأسلاني الزمن
إن في اللحد لمسلى والكفن
وكما تبلى وجوه في الثرى
فكذا يبلى عليهن الحزن
الرجل والمرأة
قال بعضهم: نزلت بامرأة ذات أولاد وثروة، فلما أرادت الارتحال، قالت: لا تنسني إذا وردت هذا الصقع. ثم أتيتها بعد أعوام فوجدتها قد افتقرت وثكلت أولادها وهي ضاحكة مسرورة! فسألتها، فقالت: إني كنت ذات ثروة وجاه، وكانت لي أحزان، فعلمت أن ذلك لقلة الشكر، وأنا اليوم بهذه الحالة أضحك شكرا لله تعالى على ما أعطاني من الصبر.
زياد والرجل
Bilinmeyen sayfa