فازداد عبد الله تعجبا، وقال: لو جاءك بنوك وهم جياع ما كنت تصنعين؟ قالت: يا هذا لقد عظمت عندك هذه الخبزة حتى أشغلت بها بالك، دع عنك هذا فإنه يفسد النفس ويؤثر في العواطف، فقال عبد الله: علي بأولادها فأحضروهم فلما دنوا منه رأوا أمهم وسلموا، فأدناهم إليه وقال: إني لم أطلبكم وأمكم لمكروه، وإنما أحب أن أصلح من شأنكم، فقالوا: إن هذا قل أن يكون إلا عن سؤال أو مكافأة لفعل قديم، فقال: ليس شيء من ذلك ولكن جاورتكم الليلة فوددت وضع شيء من مالي عندكم، قالوا: يا هذا نحن في خفض عيش وكنان من الرزق فوجهه نحو من يستحق، وإن أردت النوال مبتدئا من غير سؤال فتقدم فمعروفك مشكور وبرك مقبول، فقال: نعم هو ذاك، وأمر لهم بعشرة آلاف درهم وعشرين ناقة، فقالت العجوز لأولادها: لقل كل واحد منكم شيئا وأنا أتبعكم في شيء منه، فقال الأكبر:
شهدت عليك بطيب الكلام
وطيب الفعال وطيب الخبر
وقال الأوسط:
تبرعت بالجود قبل السؤال
فعال عظيم كريم الخطر
وقال الأصغر:
وحق لمن كان ذا فعله
بأن يسترق رقاب البشر
وقالت العجوز:
Bilinmeyen sayfa