ودخلت قوة كبيرة من الفرسان الألمانيين في ليل 10 أغسطس سنة 1914 أيضا قرية «فلم» وكان أهلها نياما فلم يعترضهم معترض ولا تحرش بهم أحد، ومع ذلك فإنهم أطلقوا النار على منزل المسيو دجليم جفرس، ثم دخلوه وحطموا أثاثه وسلبوا ما عثروا عليه من النقود وحرقوا مخازن الحبوب وجميع أدوات الفلاحة وكل ما في العزبة وقتلوا ستة ثيران، ثم حمل بعض الفرسان مدام دجليم وهي بثياب النوم إلى مسافة بعيدة عن القرية حيث خلوا سبيلها، وزودوها بعدما بعدت عنهم قليلا ببضعة طلقات من بنادقهم فلم تصبها، وحمل آخرون المسيو دجليم في جهة أخرى وأطلقوا عليه بنادقهم فأصابوه إصابات مميتة. •••
وشهد شهود عدول بما رأوه من الفظائع التي ارتكبها الألمانيون في قريتي أورزمايل ونيرهسبن قالوا: قبض الألمانيون على شيخ طاعن في السن في قرية نيرهسبن وجرحوه ثلاثة جروح بالغة في ذراعه قصدا، ثم علقوه بشجرة ورأسه مدلى إلى أسفل وأضرموا النار تحته فحرقوه حيا، أما في قرية أوزرمايل فقد فعلوا بالبنات والصبيان ما يندى منه جبين الإنسانية حياء وخجلا وشوهوا كثيرين من أهلها تشويها فظيعا لا يمكن وصفه، وكانوا قد التقطوا جنديا بلجيكيا من سلاح راكبي الدراجات مثخنا بالجراح فشنقوه في ساحة القرية، ورأوا في طريقهم إلى سان ترون جنديا آخر يعنى بجندي جريح فأمسكوه وربطوه إلى عمود تلغراف هناك وأعدموه بالرصاص، ثم عادوا إلى الجندي الجريح فأجهزوا عليه. •••
ودخل الألمان بلدة أرشوت بعدما كانت الجنود البلجيكية قد ذادت عنها في اليوم السابق - فلم يعترضهم أهلها ولا أطلقوا عليهم طلقا واحدا، بل إن الباقين القليلين منهم دخلوا منازلهم وأغلقوا أبوابها ونوافذها بحسب الأوامر العمومية التي أصدرتها إليهم حكومتهم، ولكن الألمانيين دخلوا تلك المنازل عنوة وأمروا من فيها بالخروج منها حالا، وأمسك الألمانيون في شارع واحد أول ستة رجال خرجوا من منازلهم وأعدموهم على مرأى من نسائهم وأولادهم، ثم غادروا البلدة يوما واحدا وعادوا إليها في اليوم التالي بقوة أكبر من قوتهم الأولى وأرغموا أهلها على الخروج من منازلهم، ثم ساقوهم إلى مكان بعيد عن البلدة نحو 200 متر حيث قتلوا المسيو تيالمانس المحافظ وابنه البالغ من العمر 15 عاما وكاتب المجلس البلدي وعشرة من أوجه وجوه البلدة، ثم عمدوا إلى البلدة فحرقوها وتركوها أطلالا بالية. •••
شهد القومندان جورج جلسون من الآلاي البلجيكي التاسع وهو طريح الفراش في مستشفى أنفرس بما يأتي، قال: أمرت أن أحمي ظهر جنودنا التي تقهقرت من أمام أرشوت وفي أثناء القتال الذي نشب بيننا وبين الألمانيين يوم الأربعاء 19 أغسطس سنة 1914 بين الساعة السادسة والثامنة صباحا أبصرت فجأة في الطريق العام التي كانت تفصل بيننا وبينهم، فإننا كنا نقاتل على مرمى قريب جدا - أربع نساء يحملن أربعة أطفال وابنتين صغيرتين ممسكتين بأطراف ثيابهن وهن مقبلات من أمام صفوف الألمانيين نحونا؛ فأمرت رجالي بالكف عن إطلاق النار فكفوا عن ذلك حتى دخلت النساء في صفوفنا، ولكن الألمانيين ظلوا يمطروننا وابلا من قنابل مدافعهم السريعة الانطلاق غير مراعين حرمة أولئك النساء والأطفال والبنات ولا ضعفهن وكوننا أبطلنا ضرب النار في هذه الحال كما يفرضه الواجب علينا وعلى كل محارب في قلبه ذرة من الشفقة والإنسانية، أما النسوة فكان يستحيل عليهن الوصول إلى أمام صفوف الألمانيين والسير في الطريق العام التي كن سائرات فيه إلا بإذن الألمانيين وسماحهم، ولكن جميع دلائل الحال تدل على أن الألمانيين قد ساقوا أولئك النسوة أمامهم واستخدموهن كترس تتقي به صفوفهم الأمامية نارنا، وبأمل أننا إذا رأينا نسوتنا وأطفالنا على تلك الحال نكف عن إطلاق النار عليهم. •••
في مقاطعة المارن: كان النهب عاما في مقاطعة المارن بإيعاز من القواد فلم يترك العدو شيئا ثمينا أو غير ثمين إلا نهبه وأرسله إلى المعسكر العام على الأوتومبيلات والمركبات وأضرم النار في مدن وقرى كثيرة بناء على أوامر القائد العام؛ ففي ليبين سأل المدعو كاكه اثنين من الجند المقيمين عنده؛ هل أنتما مرغمان على إضرام النار في منزلي؟ فقالا: لا لقد انتهينا من ليبين، وكانوا قد حرقوا عشرة منازل فيها فدل ذلك على أنهم كانوا ينفذون أوامر رؤسائهم. •••
نشرت الصحف صورة الضابط بويار باور مع نجله الضابط أيضا، وأغرب ما يحكى عنهما أن الوالد كان من جملة الهاجمين على مواقع الألمان في الخط المعروف بخط هندنبرج فعثر على جثة ضابط إنكليزي صدفة واتفاقا في أثناء هجومه، ولما تبينهما وجد أنها جثة ولده وكان يحارب في تلك الجهة قبله على غير علم من والده فتأمل حال ذلك الوالد. •••
لقي الألمان مقاومة عنيفة قبل دخولهم بلدة جريفيلد الجميلة فأخذوا ثأرهم من سكانها وقتلوا عددا كبيرا منهم لا يقل عن 150 نفسا وأضرموا النار فيها فلم يبقوا من 465 منزلا إلا عشرين منزلا فقط تصلح للسكنى - وخرجت السيدة ديهان من منزلها فرأت فصيلة ألمانية تسوق أمامها نيفا ومائة نفس من النساء والأطفال والشيوخ وسمعت الضابط يقول: يجب أن نعدم كل هؤلاء لكي لا يبقى حي وراءنا، وجاء جنود من الألمان إلى رب عائلة من أولاده الخمسة في غرفة من منزله وأضرموا فيها النار فأماتوهم جميعهم وفي 9 أغسطس 1916 زار خوري القرية ورئيسة الراهبات كنيسة القرية فوجدا المذبح منهوبا والكنيسة خالية من كل الأشياء الثمينة، والجنود التي ارتكبت هذه الفظائع في بلدة جريبفيلر هي فرقة البافاريين التي يقودها الجنرال كلوس المشهور بقساوته وفظاعته. •••
وارتكب الألمان في مقاطعة المارن فظائع شخصية عديدة؛ فإنهم أخذوا أناسا رهائن من كل القرى التي احتلوها ولم يرجع من هذه الرهائن إلا قسم قليل جدا؛ ففي قرية سارماز لابان اعتقلوا 150 رجلا وألبسوا قسما كبيرا منهم ملابس الجند الألماني وأجبروهم على المحافظة على الجسور (الكباري)، واعتقلوا أيضا ثلاثين رجلا وخمسا وأربعين امرأة وولدا في قرية بنيكور سوروسول وانقطعت أخبار هؤلاء المعتقلين واسمه إميل بيار، وقد وجد المدعو جاكه الذي اعتقلوه مع أحد عشر رجلا من قرية كور فليكس ميتا قربها، أما خوري شامبوي وخادمه والرهائن الآخرون الذين أخذوهم من قرية شامبوي فلا يعلم ما حل بهم ولم يرجع أحد منهم إلى القرية حتى يوم خروجنا منها، وقتل جندي ألماني ولدا بعزب فيرلاغرافيل ووجد حارس قرية غولت لافوره قتيلا في القرية التي اعتقله الألمان فيها، وحرق الألمان قرية «شامب غيون» وقتلوا فيها المدعو «فرديه» في منزله أمام والديه.
وقبضوا على المدعو بروكار وعلى ابنه في قرية سرماز وزجوهما في السجن أربعة أيام، ولما أطلقوهما كانت الجنود الألمانية قد قتلت زوجتيهما ورمت جثتيهما في الشارع. •••
وكان المدعو هافت المقيم في قرية سانت أندره قد استأذن الضابط الألمان في أن يحرس جثة امرأته التي قتلت في ذلك النهار فأذن له وصدر الأمر في المساء إلى جميع سكان القرية بالالتجاء إلى منازل أفرزوها ساعات معينة؛ فظن يافت أن هذا الأمر لا يسري عليه وتأخر في منزله إلى الساعة الحادية عشرة ، ثم خرج منه فوقفه الحرس وأعدموه في الحال رميا بالرصاص. •••
Bilinmeyen sayfa