وتركت الرمح يعمل في صَلاه ... كأن سنانه خرطوم نسر
هذا منتهى كلامهم وأقصى مرامهم، لم ينبهوا على هذه الألفاظ أهي ألفاظ
اشتراك أم هي مستعارة في بعضها من بعض؟
ولا ذكروا اشتقاقًا للصلاتين اللتين هما الدعاء والرحمة، وتدخل عليهم سؤلات واعتراضات، منها أن يقال:
إن كانت الصلاة هي التي بمعنى الرحمة أصلًا في بابها، فمن أي شيء
اشتقاقها، وإن كانت مستعارة عن الأخرى ومجازًا لها، فأي نسبة بين الرحمة
والدعاء؟ أو بين الرحمة والمعنى الآخر الذي هو الانحناء، حتى ينقل اللفظ منه
إليها مجازًا أو اتساعًا؟
ومما يسألون عنه في قولهم: الصلاة هي الدعاء
(أن يقال لهم: الدعاء) يكون بالخير والشر، قال الله تعالى:
(وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ) .
ولم يوجد في كلام العرب " صليت "، أي: دعوت بالشر، بل تقول:
دعوت على الظالم والعدو ونحوهما، ولا تقول: صليت.
ومما يسألون في قولهم: (دعوت) يتعدى باللام إذا كانت في الخير، تقول:
دعوت للمريض بالشفاء، ولا تقول: دعوت عليه بالشفاء.
وصليت يتعدى بعلى على كل حال، قال الأعشى:
عليكِ مثلَ الذي صَلَّيْتِ فاغتَمِضِي نوْمًا فإن لِجَنْبِ المرءِ مُضْطَجَعا
وقال آخر:
وقابَلَها الريحُ في دَنِّها ... وصَلَّى على دَنِّها وارْتَسَمْ
1 / 46