وحيا يحيي الأرض بعد موتها، أيامي وجيزة، وأوقاتي عزيزة، ومجالسي معمورة بذوي السيادة، مغمورة بالخير والمير والسعادة. نقلها يأتي من أنواعه بالعجب، ومناقلها تسمح بذهب اللهب، وراحتها تنعش الأرواح، وسقاتها بجفونهم السقيمة تفتن العقول الصحاح. إن ردتها وجدت مالًا ممدودا، وإن زرتها شاهدت لها بنين شهودا:
وإذا رميت بفضل كاسك في الهوى ... عادت عليك من الدقيق عقودا
يا صاحب العودين لا تهملهما ... حرك لنا عودًا وحرق عودا
فلما نظم كل منهم سلك مقاله، وفرغ من الكلام على شرح حاله، أخذ الجماعة من الطرف ما يأخذ السكر، وتجاذبوا أطرف مطارف الثناء والشكر، وظهرت أسرار السرور، وأنشرت صدور الصدور، وهبت قبول الإقبال، وأنشد لسان الحال:
وماذا يعيب المرء في مدح نفسه ... إذا لم يكن في قوله بكذوب؟
ثم انفض المجلس وحل النطاق، وتفرق شمل أهله وآخر الصحبة الفراق.
1 / 23