أن تكون فضوليا يعني أن تقع في المتاعب، وفي المعرفة أيضا.
الفصل الثاني
1
1986م
وكم أعجب من قرطها اللؤلؤي، حبتان من اللؤلؤ لا تفارقان أذنيها، أتراهما تهمسان لها من الغزل والدلال بالقدر الذي يرضي غرورها فلا تخلعهما؟ أيعجز الإنسان أن يبتكر من معاني الحب والجمال ما يضاهي به حبتي لؤلؤ؟ أم أن البريق الذي تمنحانه لها آثر عندها من حبي البائس؟
ويا لحظ ذلك الخاتم الذي يلف إصبعها ويتوسط كفها اليمنى! أتراني أبتذل الكلمات حين أغبطه وهو يلامس حلاوة شفتيها، ويستريح على حرير وجنتيها؟ ويرقبها وهي تسبح في بحر النوم متنقلا بين خصلات شعرها؟ ما لي ولهذا الخاتم؟ ولم يثيرني؟ وأنا من يشغل حيزا من تفكيرها، لا هو، أحقا أكون كذلك؟ أتراني أخطر على بالها؟
أنهى القراءة وأخذ يرمق أثر كلماته عليها، لكنها كعادتها ظلت تبتسم، رفعت يدها إلى أذنها تداعب قرطها اللؤلؤي في حركة ساهمة، وانحنت برأسها خجلا إلى الأمام أكثر، فانثالت خصلة من شعرها المموج على وجهها حاجبة عنه رؤيته، يا للروعة! كيف يمكن للجمال أن يختصر في انحناءة، وطيف ابتسامة ، وخصلة شعر تعبث في قلب ولهان؟! وكيف للحب أن يسري في يده التي تزيح خصلة الشعر عن وجهها فتعاود الانسدال، وتعاود اليد حركتها، والحب يتردد ما بين رفع وانسدال؟!
وها إن اليد قد قاربت الوجنة الوردية كثيرا فما ضرها لو لامستها؟ لتحس بالنور الساحر المنبثق عنها، لتغوص في العذوبة وتذوق حلاوتها الطاغية؟ وبظاهر أصابعه حاول الملامسة لكنها أشاحت بوجهها هامسة بنبرة عتب حلوة: «نوار!» من الجيد أنه لم يفعل، كان يفكر وهو يرقب وجنتيها اللتين هما من الرقة والعذوبة بحيث لو لامسها النسيم لتسبب في جرحها، فكيف بيده؟ وها قد ازداد ورد الوجنتين حمرة وألقا، وزاد في قلبه ولها وإكبارا وعشقا، فابتعد عنها إلى الوراء خطوة، واقترب منها في روحها رتبة، وقال: «ها، ما رأيك؟» فقالت بدلال: «بماذا؟» فتجاهل سؤالها وأجاب على دلالها: «بحبي؟» فارتمت أروع الألحان وأجمل النغمات في صوتها فضحكت فرحا، وضحك هو طربا.
شهران مرا، والسعادة تتهادى على مهل بين قلبيهما، يلتقيان في الزمان؛ فكل الزمان لهما، ولم العجلة؟ قلب أنثوي رقيق كرفة فراشة تناغم مع روح رجولية شغوفة كدهشة طفل. ويتواعدان في أي مكان؛ فكل مكان لهما، والحب خلاق، يتوجهما ملكين فيتلاشى كل شيء؛ ما كان وما سيكون، الأسباب والعلل والنتائج، الحركة والسكون، ويمحو في عينيهما كل شيء سواهما، يصبحان ويمسيان ولا أحد أسعد منهما؛ فحبهما نادر لا مثيل له، وكذا شأن المحبين.
2
Bilinmeyen sayfa