İnsan Haklarının Ortaya Çıkışı: Tarihi Bir Bakış
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
Türler
18
وعلى الرغم من هذا الرفض، فإن الحديث عن الحقوق وصل إلى قاع السلم الاجتماعي في المستعمرات على نحو حتمي لا سبيل إلى اجتنابه. بدأ هذا الحديث من القمة بالمزارعين البيض في أكبر المستعمرات وأغناها، وهي مستعمرة سان دومينجو (هايتي الآن)، الذين طالبوا في منتصف عام 1788 بإصلاحات في تجارة المستعمرات وبتمثيلهم في اجتماعات «طبقة العوام» القادمة. ولم يمض وقت طويل حتى توعدوا بالمطالبة بالاستقلال، مثل مستعمرات أمريكا الشمالية، إذا ما حاولت الحكومة المحلية التدخل في نظام الرق. ومن ناحية أخرى، توقع البيض من الطبقات الأدنى أن تحقق لهم الثورة الفرنسية الإنصاف من البيض الأكثر ثراء الذين لم تكن لديهم أي رغبة في تشارك السلطة السياسية مع الحرفيين وأصحاب المتاجر.
كان الأمر الأكثر خطورة على الوضع الراهن هو المطالب المتزايدة للأحرار السود والمولودين لوالد أبيض وآخر أسود؛ فبمقتضى مرسوم ملكي أقصى من المشاركة في معظم المهن أو حتى من الانتساب إلى أقارب بيض الملونون الأحرار الذين كانوا بالرغم من ذلك يحوزون ممتلكات هائلة للغاية؛ إذ كانوا يملكون - على سبيل المثال - ثلث المزارع وربع العبيد في سان دومينجو؛ لذا أرادوا أن يعاملوا على قدم المساواة مع البيض حتى مع الإبقاء على نظام الرق. حاول فينسنت أوجي، أحد مفوضيهم إلى باريس في عام 1789، أن يقنع أصحاب المزارع من البيض بضرورة منحهم حقوقا متساوية من خلال التأكيد على مصالحهم المشتركة بصفتهم ملاك مزارع فقال: «سنشهد إراقة للدماء، واقتحاما للأراضي، وتخريبا للصناعة، وحرقا للمنازل ... سيستعر تمرد العبيد أكثر.» وكان الحل الذي اقترحه لدرء ذلك هو منح حقوق متساوية لأمثاله من الملونين الأحرار الذين بمقدورهم أن يساعدوا في احتواء العبيد، على الأقل في الوقت الراهن. وعندما فشل توسله إلى أصحاب المزارع البيض وتبين أن دعم «أصدقاء السود» عديم النفع أيضا، عاد إلى سان دومينجو، وفي ربيع عام 1790 أعلن تمرد الملونين الأحرار، وفشل التمرد، وسحقت عظامه على العجلة.
19
لكن دعم حقوق الملونين الأحرار لم يتوقف عند هذه النقطة؛ ففي باريس نجد أن التحريض المستمر الذي صنعه «أصدقاء السود» نجح في استصدار مرسوم في مايو عام 1791 بالحقوق السياسية لجميع الرجال الملونين الأحرار المولودين لآباء وأمهات أحرار. وبعد أن تمرد العبيد في سان دومينجو في أغسطس 1791، ألغى النواب المرسوم الذي تكبله قيود شديدة ليحل محله مرسوم أكثر كرما في أبريل عام 1792. ولم يكن مستغربا أن يتصرف النواب بارتباك؛ لأن الموقف على الأرض في المستعمرة كان محيرا. كان تمرد العبيد الذي بدأ في منتصف أغسطس 1791 قد جذب عددا كبيرا وصل إلى 10000 ثائر بنهاية الشهر، واستمر العدد في الزيادة بسرعة هائلة. ذبحت جماعات العبيد المسلحة البيض وحرقت حقول قصب السكر والمنازل. وعلى الفور ألقى أصحاب المزارع باللوم على «أصدقاء السود» وعلى انتشار «سخافات حقوق الإنسان».
20
وماذا كان موقف الملونين الأحرار من هذا الصراع؟ لقد كانوا من قبل يخدمون في الميليشيات المنوط بها إلقاء القبض على الرقيق الفارين، وأحيانا كانوا هم أنفسهم يمتلكون العبيد. وفي عام 1789، وصفهم «أصدقاء السود» بأنهم حصن يقف في وجه ثورة العبيد المحتملة، وأيضا وسطاء في أي إلغاء وارد للرقيق. والآن ها قد اندلعت ثورة العبيد بالفعل. وبدأت أعداد متزايدة من النواب في باريس، الذين كانوا قد رفضوا في البداية وجهة نظر «أصدقاء السود»، تعترف بوجهة النظر هذه في مطلع عام 1792. وتمنوا أن يتحالف الملونون الأحرار مع القوات الفرنسية والبيض من الطبقة الأدنى ضد المزارعين والعبيد. وطرح النائب أرماند جاي كيرسانت - الذي كان يعمل ضابطا سابقا رفيع الشأن بالبحرية وصاحب مزرعة - حجة تقول: «هذه الطبقة [البيض الفقراء] تتلقى الدعم من الملونين الأحرار الذين يقتنون الممتلكات؛ فهذا هو فرع الجمعية الوطنية على هذه الجزيرة ... لذا فإن مخاوف سكان مستعمراتنا [أصحاب المزارع البيض] لها ما يبررها؛ لأن لديهم كل المسوغات للخوف من تأثير ثورتنا على عبيدهم. إن حقوق الإنسان تقلب النظام الذي تعتمد عليه ثرواتهم ... ولن ينجوا [سكان المستعمرات] بحيواتهم وثرواتهم إلا عندما يغيرون مبادئهم.» ومضى النائب أرماند في دعوته إلى أن وصل إلى الإلغاء التدريجي للرق نفسه. وفي واقع الأمر، لعب الأحرار السود والسمر دورا غامضا طيلة فترة انتفاضة العبيد؛ فتارة يتحالفون مع البيض ضد العبيد وأخرى يتحالفون مع العبيد ضد البيض.
21
ومرة أخرى حفز المشرعين المزيج الفعال الذي يجمع بين النظرية (إعلان الحقوق) والممارسة العملية (في هذه الحالة الثورة والتمرد الصريحان). وكما أوضحت حجة أرماند، كانت حقوق الإنسان جزءا من النقاش لا سبيل إلى تجنبه حتى في الجمعية التي كانت قد أعلنت أن حقوق الإنسان غير قابلة للتطبيق في المستعمرات. ودفعت الأحداث النواب للاعتراف بقابليتها للتطبيق في أماكن وعلى جماعات أرادوا في الأصل أن يستثنوها من هذه الحقوق. فالنواب الذين عارضوا منح الحقوق للملونين الأحرار، اتفقوا على نقطة واحدة مركزية مع أولئك الذين كانوا يؤيدون منحهم الحقوق، ألا وهي أن حقوق الملونين الأحرار لا سبيل إلى فصلها عن نظام الرق نفسه. وما إن جرى الاعتراف بهذه الحقوق، حتى أصبحت الخطوة التالية أكثر حتمية.
بحلول صيف عام 1793، كانت المستعمرات الفرنسية في حالة جيشان واضطراب كامل. لقد أعلنت الجمهورية في فرنسا ووضعت الحرب الجمهورية الجديدة في مواجهة البريطانيين والإسبان في جزر الكاريبي. سعى أصحاب المزارع من البيض إلى التحالف مع البريطانيين، وانضم بعض من العبيد المتمردين في سان دومينجو إلى الإسبان الذين كانوا يهيمنون على النصف الشرقي من الجزيرة، سانتو دومينجو، في مقابل وعد بأن ينالوا هم أنفسهم الحرية. غير أن الإسبان لم تكن لديهم النية في إلغاء الرق. وفي أغسطس من عام 1793، وفي مواجهة انهيار تام للسلطة الفرنسية على الجزيرة، بدأ مفوضان مرسلان من فرنسا في إبداء استعدادهما لعتق العبيد الذين حاربوا من أجل الجمهورية الفرنسية، ثم أبديا استعدادهما لعتق أسرهم أيضا. بالإضافة إلى أنهما وعدا بالتنازل عن الأرض. وبنهاية الشهر، كان المفوضان يعرضان الحرية لمقاطعات بأكملها. وقد استهل مرسوم تحرير العبيد في الشمال بالمادة الأولى من «إعلان حقوق الإنسان والمواطن»: «يولد الناس ويعيشون أحرارا متساوين في الحقوق.» وعلى الرغم من أن النواب في باريس كانوا يخشون في البداية من تدبير مخطط بريطاني لتقويض السلطة الفرنسية عن طريق تحرير العبيد، فإنهم صوتوا على إلغاء الرق في كافة المستعمرات في فبراير من عام 1794. وقد اتخذ النواب هذا الإجراء فور سماعهم لتقارير مباشرة من ثلاثة رجال - رجل أبيض، وآخر أسمر هجين مولود لوالد أبيض ووالدة سوداء، وعبد نال حريته - كانوا قد أرسلوا من سان دومينجو ليشرحوا ضرورة إعتاق العبيد. وبالإضافة إلى «إلغاء عبودية الزنوج في كل المستعمرات»، أصدر النواب مرسوما بأن «جميع الناس، بدون تمييز بناء على اللون، المقيمين في المستعمرات هم مواطنون فرنسيون، ولسوف ينعمون بكافة الحقوق المنصوص عليها في الدستور».
Bilinmeyen sayfa