Narrations of Al-Baghawi in His Tafsir Ma'alim al-Tanzil from His Teacher Abdul Wahid Al-Malihi: A Compilation and Study
روايات البغوي في تفسيره معالم التنزيل عن شيخه عبد الواحد المليحي "تخريج ودراسة"
Türler
جامعة الإسكندرية
كلية الآداب
قسم اللغة العربية وآدابها
شعبة الدراسات الإسلامية
روايات البغوي في تفسيره معالم التنزيل عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ
"تخريج ودراسة"
بحث مقدم لاستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في الآداب بنظام الساعات المعتمدة
إعداد الطالب/ عبد الحميد عبد الرازق شيخون محمد
تحت إشراف
أ. د/ شحات السيد زغلول
أ. د/ السعيد بيومي الورقي
د/ ماجدة أحمد سليمان
العام الدراسي
١٤٣٥ هـ ... - ... ٢٠١٤ م
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 2
المقدمة:
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فقد قال النبي ﷺ: " مَن يُرد اللَّه به خيرًا يُفَقِّهه في الدِّين" (١)؛ فجعل النبي ﷺ الخيرية في التفقه في الدين ليتسابق إليه الخيرون، وجعلهم ورثة الأنبياء، وجعلهم من أوفر الناس حظًا؛ لقوله ﷺ: "إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر" (٢).
ومن بركات هذا العلم: أنه يلحق العامل به من عمله وحسناته بعد موته؛ لقول النبي ﷺ: " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علمًا علمه ونشره ..... الحديث" (٣).
أسأل الله العظيم أن يجعلني وإياكم من هؤلاء المهتمين بنشره ابتغاء رضا الله ﷿.
ولما كان الأمر كذلك صار حريًا أن ننهض للعلم وطلبه والسعي إليه، ونبذل الغالي والنفيس من أجله، وكان من هذا السعي: جهدي في إعداد هذا البحث، عسى الله ﵎ أن يكتب له القبول والتوفيق.
حيث وقع اختياري على كتاب تفسير: "معالم التنزيل" المعروف بتفسير البغوي، لمؤلفه: الحسين بن مسعود البغوي؛ وذلك باستخراج روايات البغوي المرفوعة عن شيخه عبد الواحد بن أحمد المَلِيْحِيّ التي رواها بسنده إلى النبي ﷺ، وآثاره، وذلك في تفسيره
_________
(١) البخاري، الجامع المسند الصحيح] طـ دار طوق النجاة، ط ١، ١٤٢٢ هـ[: كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، رقم (٧١)، ١/ ٢٥.
(٢) التِّرْمِذِيّ، سنن التِّرْمِذِيّ، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون] دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ط، د. ت [: كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم (٢٦٨٢)، ٥/ ٤٨، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح] المكتب الإسلامي، بيروت، ط ٣، ١٩٨٥ م [: رقم (٢١٢)، ١/ ٧٤.
(٣) ابن ماجة، سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي] دار الفكر، بيروت، د. ط، د. ت [: في افتتاح الكتاب، باب ثواب معلم الناس الخير، رقم (٢٤٢)، ١/ ٨٨، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: رقم (٢٥٤)، ١/ ٨٤.
1 / 1
كله. حيث بلغت هذه الروايات في هذا الكتاب: خمسمائة وستة وأربعين حديثًا مرفوعًا وما في حكمه، وهي التي سوف تشملها الدراسة التطبيقية.
أولًا: أهمية الموضوع:
١ - العلم بالقرآن وتفسيره من أجل العلوم وأشرفها، ولا يمكن معرفة وفهم وتدبر القرآن إلا بمعرفة الحديث الشريف المبيّن، والمخصص، والمفسّر له، وعليه صار لا بُدّ من تمييز صحيح الحديث من سقيمه في هذا الكتاب.
٢ - يعد تفسير البغوي من أمهات كتب التفسير، فهو يروي بسنده الأحاديث إلى النبي ﷺ؛ لذلك يعد من كتب التخريج الرئيسة.
٣ - يعد طريق عبد الواحد بن أحمد المَلِيْحِيّ من أهم الطرق التي روى من خلاله صحيح البخاري ومصنف عبد الرازق ومسند علي بن الجعد، وغيره.
ثانيا: أسباب الاختيار:
١ - رغبتي في التوسع وزيادة التمكن من علم دراسة الأسانيد، والحكم عليها بما يناسبها.
٢ - رغبتي في اختيار موضوع يفيدني، وطلاب العلم.
٣ - لم يطرق هذا الموضوع من قبل فيما أعلم.
ثالثا: أهداف البحث:
١ - جمع الأحاديث - المرفوعة وما في حكمها -، والآثار الواردة من طريق عبد الواحد المَلِيْحِيّ من كتاب تفسير البغوي.
٢ - معرفة وتمييز الأحاديث المقبولة من المردودة من مرويات المَلِيْحِيّ، وهو أمر له بالغ الأثر في معرفة التفسير الصحيح.
٣ - التعريف بالإمام البغوي، وبجهوده في علمي الحديث والتفسير بشكل خاص.
رابعا: الدراسات السابقة:
وتشمل ثلاثة موضوعات:
الأول: وهو ما يتعلق بالإمام البغوي.
1 / 2
والثاني: ما يتعلق بكتاب التفسير والأحاديث الواردة فيه.
والثالث: فيما يتعلق بالأحاديث والآثار التي رواها البغوي عن شيخه عبد الواحد بن أحمد المَلِيْحِيّ.
أولًا: ما يتعلق بالإمام البغوي:
لم تفرد له مصنفات تعنى بترجمته، لكن ترجم له ضمن دراسات عملت على مصنفاته: كشرح السنة، ومعالم التنزيل، فقد توسع واستفاض في ترجمته الباحث/ أحمد محمد سعيد النقلة في رسالته المقدمة لنيل درجة الماجستير في الحديث من جامعة غزة بعنوان: "زوائد كتاب شرح السنة للبغوي على الكتب الستة"، حيث درس عصر الإمام البغوي وحياته وآثاره بشكل واسع ومستفيض.
ثانيًا: ما يتعلق بكتاب التفسير:
فمن الباحثين من درس منهجه استقلالًا: كعفاف عبدالغفور حميد في مؤلفها (البغوي ومنهجه في التفسير)، فقد درست تفسيره ومصادره ومنهجه ومباحث علوم القرآن فيه.
ومنهم من حققه وقارن بين نسخه المخطوطة كمحمد عبدالله النمر، وعثمان جمعة ضميرية، وسليمان مسلم الحرش في طبعة لدار طيبة، حيث قاموا بتخريج أحاديثه والحكم عليها. وكذلك فعل عبد الرازق المهدي في تحقيقه، وكلاهما اعتنيا بالحكم على المتن بشكل أكبر من اعتنائهم بالحكم على إسناد البغوي ذاته، وهو ما سيكون صلب دراستي الإسنادية.
ثالثًا: فيما يتعلق بالأحاديث والآثار التي رواها البغوي عن شيخه عبد الواحد بن أحمد المَلِيْحِيّ
بعد البحث والاستفسار عن طريق سؤال شيوخي وأساتذتي الأفاضل، وبالبحث في العديد من قواعد المعلومات الخاصة بالرسائل الجامعية، والبحث على شبكة المعلومات "الإنترنت"، تبين أنه لا توجد دراسة مستقلة حول الأحاديث التي رواها البغوي عن شيخه عبد الواحد بن أحمد المَلِيْحِيّ؛ لذا فقد اخترت هذا الموضوع ليكون صلب دراستي.
1 / 3
خامسا: منهج البحث:
يعتمد هذا البحث على المنهج الاستقرائي التحليلي، والذي تمثّل في التالي:
١ - استخرجت الأحاديث والآثار التي أوردها البغوي في كتاب التفسير عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ، وقد سبق ذكر عددها.
استخرجت هذه الأحاديث والآثار عن طريق:
أالنظر في جميع أحاديث كتاب التفسير واستخراج ما رواه البغوي عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ من هذه الأحاديث، وذلك بواسطة الحاسوب.
ب الاستعانة بمن سبقني في خدمة هذا الكتاب.
ج الاستعانة بكتب التخريج.
٢ - خرجت الأحاديث تخريجًا يساعد في معرفة درجة الحديث والحكم عليه.
٣ - ترجمت لرجال الإسناد: وذلك بذكر اسم الراوي، وكنيته، وسنة وفاته، ما عدا رجال البخاري في الأحاديث التي رواها البغوي عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ بسنده عن محمد بن إسماعيل البخاري؛ حيث إن عبد الواحد المَلِيْحِيّ حدَّث بصّحيح البخاري عن النُّعَيْميّ عن الفِرَبْريّ.
٤ - الأرقام التي تلي أسماء الرواة والأعلام، هي تاريخ الوفاة، والتواريخ مثبتة بالتقويم القمري الهجري، وما سوى ذلك فأشير إليه.
٥ - لم أترجم للصحابة، إلا المختلف فيهم، وغير المشهورين.
٦ - جمعت أقوال أئمة الجرح والتعديل في الرواة المختلف فيهم للاجتهاد في الوصول إلى خلاصة القول فيهم.
٧ - الرواة المتفق عليهم جرحًا أو تعديلًا ترجمت لهم ترجمة مجملة مع الإشارة إلى مواضع الترجمة، وأكتفي بقولي فلان ثقة، أو أجمعوا على توثيقه، أو ضعيف.
٨ - من لم أجد له ذكر في كتب التراجم، بينت ذلك بقولي: لم أجده.
٩ - من وجدته في كتب التراجم، ولم أجد قولًا للنقاد فيه، بينت ذلك بقولي: لم أقف على قولٍ للنقاد فيه.
١٠ - عملت مقارنة بين المتون التي ثبتت صحتها أو حسنها أو ضعفها.
1 / 4
١١ - نقلت أحكام النقاد - المتقدمين والمتأخرين - على الأحاديث التي قمت بدراسة أسانيدها بحسب الحاجة، مع بيان حكمي الخاص بذلك ما استطعت.
١٢ - ما اتفق عليه البخاري ومسلم قلت فيه: صحيح؛ اتفق على إخراجه الشيخان، وما أخرجه البغوي من طريق محمد بن إسماعيل البخاري تركت الحكم عليه، وما رُوي من غير هذا الطريق اجتهدت في بيان الحكم عليه مع الاستعانة بأحكام النقاد في ذلك.
١٣ - رتبت الأحاديث في الدراسة التطبيقية حسب ورودها في التفسير، ذاكرًا السورة التي وردت ضمنها الأحاديث والآثار.
١٤ - ترجمت للأعلام والأنساب والألقاب، وعرفت بالأماكن والبلدان.
١٥ - عملت فهارس للآيات والأحاديث والرواة والمصادر والمراجع والموضوعات.
١٦ - اخترت المراجع الحديثة المحققة قدر الإمكان، والمذيلة بأحكام المحققين؛ وذلك لتسهيل نقل أحكام المحققين دون الحاجة إلى تكرار العزو.
١٧ - استعنت بطبعتين لتفسير البغوي، وهما: طبعة دار طيبة، وهي التي أعزو الأحاديث والآثار إليها، وطبعة دار إحياء التراث العربي؛ حيث لجأت إليها في تصحيح بعض الأخطاء الناتجة عن التحقيق في طبعة دار طيبة.
١٨ - التزمت بالمنهجية العلمية المتعلقة بكتابة البحوث العلمية في مثل هذا البحث العلمي، كالتبويب، وعلامات الترقيم، والحواشي، والفهارس، ونحوها.
سادسًا: خطة البحث:
وتشتمل على مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة.
تشتمل المقدمة على: أهمية الموضوع وبواعث اختياره، وأهداف البحث، والدراسات السابقة، ومنهج البحث وطبيعة العمل، وخطة البحث.
التمهيد: ويشتمل على:
• التعريف بالإمام البغوي ومكانته العلمية.
• التعريف بكتاب تفسير البغوي وأهميته.
1 / 5
- الفصل الأول: منهج الإمام البغوي الحديثي من خلال القسم المخرّج: وفيه أربعة مباحث:
• المبحث الأول: منهج البغوي في الرواية عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ.
• المبحث الثاني: منهجه في إيراد الأحاديث.
• المبحث الثالث: منهجه في تخريج الأحاديث.
• المبحث الرابع: نقد الأسانيد والحكم على الأحاديث عند البغوي.
- الفصل الثاني: موارد الإمام البغوي في تفسيره وأهداف ورود الحديث عنده: وفيه مبحثان:
• المبحث الأول: موارد الإمام البغوي عن شيخه المَلِيْحِيّ في التفسير.
• المبحث الثاني: أهداف ورود الحديث عند الإمام البغوي.
الفصل الثالث: مرويات البغوي عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ في معالم التنزيل "دراسة تطبيقية"
ويشتمل على الأحاديث والآثار التي أخرجها البغوي عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ في تفسيره كله.
الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج.
الفهارس: وتشتمل على:
- فهرس الآيات القرآنية.
- فهرس الأحاديث والآثار.
- فهرس الرواة المُتَرْجَم لهم.
- فهرس المصادر والمراجع.
- فهرس الموضوعات.
1 / 6
التمهيد: ويشتمل على:
• التعريف بالإمام البغوي ومكانته العلمية.
• التعريف بكتاب تفسير البغوي وأهميته.
1 / 7
التمهيد:
• التعريف بالإمام البغوي ومكانته العلمية:
أولا: التعريف بالإمام البغوي
اسمه: الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء، والفراء (١) نسبة إلى عمل الفراء وبيعه (٢).
نسبه: البغوي؛ نسبة إلى بلدة من بلاد خراسان بين مرو وهراة، يقال لها: بغ، وبغشور (٣)، كنيته: أبو محمد (٤)، لقبه: محي السنة، وظهير الدين (٥).
مولده: ولد ﵀ في جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة (٦).
خلقه: كان ﵀ دينًا ورعًا قانعًا زاهدًا مقتصدًا في لباسه، على منهاج السلف حالًا وعقدًا، وكان يأكل الخبز البحت (٧)، فلامه بعضهم في ذلك؛ فصار يأكل الخبز مع الزيت، وكان لا يلقى الدرس إلا على طهارة، وماتت له زوجة فلم يأخذ من ميراثها شيئًا (٨).
وفاته: توفي ﵀ عام ستة عشر وخمسمائة (٩)، ودفن عند شيخه
_________
(١) قال ابن منظور: الفرو والفروة: معروف الذى يلبس، والجمع فراء (لسان العرب لابن منظور] دار صادر، بيروت، ط ١، د. ت. [، ١٥/ ١٥١).
(٢) ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس] دار صادر، بيروت، ط ١، د. ت. [، ٢/ ١٣٧.
(٣) السمعانى، الأنساب، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني وغيره] مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، ط ١، ١٣٨٢ هـ[، ٢/ ٢٧٣.
(٤) الشيرازى، طبقات الفقهاء، تحقيق: خليل الميس] دار القلم، بيروت، ط ١، ١٩٩٨ م [، ١/ ٢٥٢، وانظر: معجم البلدان لياقوت الحموي] دار الفكر، بيروت، د. ط.، د. ت. [، ١/ ٤٦٨.
(٥) ابن خلكان، وفيات الأعيان، ٢/ ١٣٦.
(٦) الشيرازى، طبقات الفقهاء، ١/ ٢٥٢.
(٧) البَحْت: الخالص الذي لا يُخالطه شيء، يقال: أكل الْخبز بحتا إِذا أكله بِلَا إدام (انظر: لسان العرب، ٢/ ٩).
(٨) انظر: طبقات الفقهاء للشيرازى، ١/ ٢٥٢، وفيات الأعيان لابن خلكان، ٢/ ١٣٦، وسير أعلام النبلاء للذهبي] مؤسسة الرسالة، بيروت، ط ٣، ١٤٠٥ هـ[، ١٩/ ٤٣٩، الوافي بالوفيات للصفدي، تحقيق: أحمد الأرناؤوط، وتركي مصطفي] دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت.، ١٤٢٠ هـ[، ١٣/ ٤١.
(٩) ابن قاضي شهبة، طبقات الشافعية، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم خان] عالم الكتب، بيروت، ط ١، ١٤٠٧ هـ[، ٢/ ٢٨٢.
1 / 8
القاضي حسين بن محمد بمقبرة الطالقان (١).
ثانيًا: مكانة الإمام البغوي العلمية:
بدأ الإمام البغوي سماعاته بعد سنة أربعمائة وستين (٢)، وكان إِمَامًا جَلِيلًا ورعًا زاهدًا فَقِيهًا مُحدثًا مُفَسرًا جَامعًا بَين الْعلم وَالْعَمَل سالكا سَبِيل السّلف لَهُ فِي الْفِقْه الْيَد الباسطة (٣)، وبورك له في تصانيفه، ورُزِقَ فيها القبول؛ لحسن قصده وصدق نيَّته (٤).
١ - الإمام البغوي المحدث:
لم يكن الإمام البغوي صاحب مصنفات في الحديث وعلومه فحسب، بل كان ﵀ محدثًا، ففي سوقه الأحاديث بالأسانيد المتصلة من لدنه إلى النبي ﷺ، وفي تأليفه في الحديث وعلومه، وفي كلامه على بعض الرواة، وعلى بعض الأحاديث ما يدل على أنه محدث، وقد وصفه ابن خلكان (٥) بالمحدث، ووصفه الذهبي: بالحافظ ومحيي السنة (٦)، والمطّلع على مصنفات البغوي في الحديث يجد نفسه أمام عالم بالحديث وعلومه؛ ففي مقدمته لكتاب شرح السنة يقول: فهذا كتاب في شرح السنة، يتضمن كثيرًا من علوم الأحاديث، وفوائد الأخبار المروية عن رسول الله، ولم أودع هذا الكتاب من الأحاديث إلا ما اعتمده أئمة السلف الذين هم أهل الصنعة، المسلّم لهم الأمر من أهل عصرهم، وما أودعوه كتبهم، فأما ما أعرضوا عنه من المقلوب والموضوع والمجهول، واتفقوا على تركه، فقد صنت الكتاب عنها (٧)، وهو ما يؤكد براعة شيخنا في علم الحديث.
_________
(١) ابن خلكان، وفيات الأعيان، ٢/ ١٣٦.
(٢) السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي د. عبد الفتاح محمد الحلو] هجر للطباعة والنشر والتوزيع، ط ٢، ١٤١٣ هـ[، ٧/ ٧٦.
(٣) المصدر نفسه، ٧/ ٧٥.
(٤) الذهبي، تاريخ الإسلام، ١١/ ٢٥٠.
(٥) ابن خلكان، وفيات الأعيان، ٢/ ١٣٦.
(٦) الذهبي، تذكرة الحفاظ] دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٩٩٨ [، ٤/ ٣٧.
(٧) انظر: شرح السنة] المكتب الإسلامي، بيروت، طـ ٢، ١٤٠٣ هـ[، ١/ ٢.
1 / 9
٢ - شيوخه وتلاميذه (١):
- شيوخه:
أخذ الأمام البغوي العلم على عدد من المشايخ منهم:
١ - أبو عمر عبد الواحد المَلِيْحِيّ، سمع منه صحيح البخاري.
٢ - أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الدَّاوُدِيّ.
٣ - أَحْمَد بن عَبْد اللَّه الصَّالِحِيّ.
٤ - أبو الحسن محمد بن محمد الشِّيرَازِيّ.
٥ - أبو بكر محمد بن الهيثم التُّرَابِيّ.
٦ - أحمد بن نصر الكوفانىّ.
٧ - حسان المنيعيّ.
٨ - حسين بن محمد، القاضيّ صاحب التعليق على المهذب وحدّث عنه.
٩ - على بن يوسف الْجُوَيْنِيّ.
١٠ - يعقوب بن أحمد الصَّيْرَفِيّ.
وغيرهم كثر روى عنهم البغوي في تفسيره المبارك.
- تلاميذه:
ومن تلامذته ﵀:
١ - أبو منصور محمد بن اسعد العطاوي (المعروف بحضرة الطوسي).
٢ - ابو الفتوح محمد بن محمد الطائي.
٣ - أبو المكارم فضل الله بن محمد النوقاني.
٤ - عبد الرحمن بن عبدالله النيهي.
٣ - مصنفاته
- مصنفاته في القرآن وعلومه:
١ - معالم التنزيل (٢)، المعروف بتفسير البغوي (وهو الذى بين أيدينا).
_________
(١) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، ١٩/ ٤٤٠، والوافي بالوفيات للصفدي، ١٣/ ٤١، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي، ٧/ ٧٥.
(٢) وهو مطبوع ومتداول.
1 / 10
٢ - الكفاية في علم القراءة (١).
- مصنفاته في الحديث وعلومه:
ومن مصنفاته ﵀ في الحديث وعلومه ما يلي:
١ - شرح السنة.
٢ - مصابيح السنة.
٣ - الجمع بين الصحيحين (البخاري ومسلم) (٢).
٤ - الأنوار في شمائل النبي المختار.
٥ - الأربعون حديثًا (٣).
- مصنفاته في الفقه:
١ - التهذيب في الفقه، لخصه من تعليق شيخه الحسين بن محمد، وهو تصنيف متين محرر عار عن الأدلة (٤).
٢ - شرح المختصر (٥).
٣ - الفتاوى (٦).
٤ - الكفاية في الفقه، وهو باللغة الفارسية (٧).
٥ - التهذيب في الفروع (٨).
٤ - ثناء العلماء عليه:
حظيّ البغوي ﵀ بثناء الكثير من العلماء ممن ترجموا له، فقال عنه
_________
(١) حاجي خليفة، كشف الظنون] دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٣ هـ[، ٢/ ١٤٩٩.
(٢) المصدر نفسه، ٤/ ٣٨.
(٣) الذهبي، سير أعلام النبلاء، ١٩/ ٤٤٠.
(٤) ابن قاضى شهبة، طبقات الشافعية، ٢/ ٢٨١.
(٥) المصدر نفسه، ٢/ ٢٨١.
(٦) المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
(٧) حاجي خليفة، كشف الظنون، ٢/ ١٤٩٨.
(٨) الذهبي، تذكرة الحفاظ، ٤/ ٣٨.
1 / 11
ياقوت الحموي: "الفقيه العالم المشهور صاحب التصانيف" (١)، وقال ابن خلكان: " ... الملقب ظهير الدين، الفقيه الشافعي المحدث المفسر، كان بحرًا من العلوم" (٢)، وقال الذهبي: "الإمام الحافظ الفقيه المجتهد محي السنة" (٣)، وقال عنه أيضًا: "الشيخ العلامة القدوة الحافظ شيخ الإسلام" (٤)، وقال الصفدي: " ... الفقيه الشافعي المحدث المفسر، كان بحرا من العلوم" (٥) وقال تاج الدين السبكي: " ... كان إمامًا جليلًا ورعًا زاهدًا فقيهًا مفسرًا، جامعًا بين العلم والعمل، سالكًا سبيل السلف، له في الفقه اليد الباسطة" (٦)، وقال ابن كثير: " ... وبرع في هذه العلوم، وكان علَّامَة زمانه فيها، وكان دَيِّنًا وَرِعًا زَاهدًا عابدًا صالحًا" (٧)، وقال السيوطي: "كان إمامًا في الحديث إمامًا في الفقه" (٨).
• التعريف بكتاب تفسير البغوي وأهميته:
أولًا: التعريف بكتاب تفسير البغوي:
يعد تفسير البغوي من أهم كتب التفسير بالمأثور؛ حيث حرص الإمام البغوي فيه على النقل والبعد عن الرأي، فقد أخرج فيه الأحاديث بسنده إلى النبي ﷺ، وقد كان يتحرَّى الصحة فيما يسنده إلى الرسول ﷺ، ويعرض عن المناكير وما لا يليق بالتفسير، وقد أوضح هذا في مقدمة كتابه فقال: "وما ذكرت من أحاديث رسول الله ﷺ في أثناء الكتاب على وفاق آية أو بيان حكم فإن الكتاب يُطلَب بيانه من السُنَّة. وعليها مدار الشرع وأُمور الدين؛ فهي من الكتب المسموعة للحُفَّاظ وأئمة الحديث، وأعرضت عن ذكر المناكير وما لا يليق بحال التفسير" (٩)، كما اعتنى فيه ببعض الأحكام
_________
(١) ياقوت الحموي، معجم البلدان، ١/ ٤٦٨.
(٢) ابن خلكان، وفيات الأعيان، ٢/ ١٣٦.
(٣) الذهبي، تذكرة الحفاظ، ٤/ ٣٨.
(٤) الذهبي، سير أعلام النبلاء، ١٩/ ٤٣٩.
(٥) الصفدي، الوافي بالوفيات، ١٣/ ٤١.
(٦) السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، ٧/ ٧٥.
(٧) ابن كثير، البداية والنهاية] دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط ١، ١٤٠٨ هـ[، ١٢/ ٢٣٨.
(٨) السيوطي، طبقات المفسرين] مكتبة وهبة، القاهرة، ط ١، ١٣٩٦ [، ١/ ٥٠.
(٩) البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن: تحقيق محمد عبد الله النمر، عثمان جمعة ضميرية، سليمان مسلم الحرش] دار طيبة للنشر والتوزيع، ط ٤، ١٩٩٧ م [، ١/ ٣٨.
1 / 12
الفقهية، وتعرض لمباحث علوم القرآن، فبين المكي والمدني، وأسباب النزول، وفضائل السور، إضافة إلى حكمه على بعض الأحاديث التي أخرجها.
ثانيًا: أهمية تفسير البغوي:
تكمن أهمية تفسير البغوي في كونه مصدرًا أصيلًا من مصادر التفسير بالمأثور، فقد اعتمد فيه البغوي على النقل، ونبذ الرأي، وتحرى الصحة، وأعرض عن المناكير.
وصفه الخازن فى مقدمة تفسيره بأنه: "من أجل المصنفات في علم التفسير وأعلاها، وأنبلها وأسناها، جامع للصحيح من الأقاويل، عار عن الشبُه والتصحيف والتبديل، محلَّى بالأحاديث النبوية، مطرَّز بالأحكام الشرعية، موشَّى بالقصص الغريبة، وأخبار الماضين العجيبة، مرصَّع بأحسن الإشارات، مُخَرَّج بأوضح العبارات، مُفَرَّغ في قالب الجمال بأفصح مقال" (١).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية: أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة: الزمخشري أم القرطبي أم البغوي (٢)، فأجاب ﵀: وأما التفاسير الثلاثة المسؤول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة البغوي، ولكنه مختصر من تفسير الثعلبي، وحذف منه الأحاديث الموضوعة والبدع التي فيه (٣).
ومما يبين أهمية هذا الكتاب ما قاله البغوي نفسه: "كتابًا وسطًا بين الطويل الممل والقصير المخل" (٤).
_________
(١) الخازن، لباب التأويل في معالم التنزيل] دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٥ هـ[، ١/ ٤.
(٢) مجموع الفتاوى، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم] مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، د. ط.، ١٤١٦ هـ[، ١٣/ ٣٨٥.
(٣) المصدر نفسه، ١٣/ ٣٨٦.
(٤) البغوي، معالم التنزيل، ١/ ٨.
1 / 13
الفصل الأول: منهج الإمام البغوي الحديثي من خلال القسم المخرّج:
• المبحث الأول: منهج البغوي في الرواية عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ.
• المبحث الثاني: منهجه في إيراد الأحاديث.
• المبحث الثالث: منهجه في تخريج الأحاديث.
• المبحث الرابع: نقد الأسانيد والحكم على الأحاديث عند البغوي.
1 / 14
المبحث الأول: منهج البغوي في الرواية عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ:
بلغ عدد ما رواه الإمام البغوي عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ في تفسيره كله: خمسمائة وستة وأربعين حديثًا مرفوعًا وما في حكمه، ولقد كان للإمام البغوي -كمحدث له باع في علم الحديث- منهجه، ومن أبرز معالم منهجه في روايته عن شيخه ما يلي:
• التنويع في ذكر اسم شيخه:
نوّع البغوي في ذكر شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ، فنجده يذكره بكنيته واسمه ونسبه في موضع واحد وهو في بداية تفسيره في الحديث رقم (١٠)، حيث قال (١): أخبرنا أبو عمرو عبد الْوَاحِد بن أحمد المَلِيْحِيّ، وفي مواضع كثيرة يذكر اسمه ونسبه دون كنيته، كما في الحديث رقم (٢)، حيث قال: أخبرنا عبد الْوَاحِد بن أحمد المَلِيْحِيّ، وكذا في الأحاديث (٧، ١٧، ١٩، ٢٠، ٢١، ٢٣، ٢٦، ٢٧، ٢٨، ٢٩، ٣١، ... وغيرها)، وفي أكثر كتابه يقول: أخبرنا عبد الواحد المَلِيْحِيّ، كما في الحديث رقم (١)، وكذا في الأحاديث (٣، ٤، ٥، ٦، ٨، ٩، ١١، ١٣، ١٤، ١٥، ١٦، ١٨، ... وغيرها)، وربما هدفه في ذلك التعريف بشيخه تارة والاختصار تارة أخرى.
• بيان طرق التحمل عن شيخه:
من دراسة الأحاديث التي رواها البغوي عن شيخه عبد الواحد المَلِيْحِيّ نجده يميّز بين صيغ التحمل والأداء؛ فقد روى في هذا البحث (٥٤١) حديثًا، بصيغة "أخبرنا"، وروى ثلاثة أحاديث (حديث رقم ٢٧٥، ٢٧٨، ٢٧٩) بصيغة "أنبأنا"، وهما صيغتان تدلان على السماع من لفظ الشيخ، وهما من أرفع صيغ التحمل عند الجمهور (٢)، وقد شاع تخصيص لفظ "أخبرنا" بما قرئ على الشيخ، ثم يتلو قول " أخبرنا " قول "أنبأنا" (٣)، كما روى البغوي حديثين (حديث رقم ١١٧، ١٧٢) بصيغة
_________
(١) البغوي، معالم التنزيل، ١/ ٧٤.
(٢) انظر: أنواع علوم الحديث لابن الصلاح] دار الفكر، بيروت، د. ط.، ١٤٠٦ هـ[، ص ١٣٢.
(٣) المصدر نفسه، ص ١٣٥.
1 / 15
"سمعت"، وهي من أرفع العبارات في ذلك أيضًا (١)، إلا أنها تأتي في مرتبة متأخرة بعد أخبرنا وأنبأنا وحدثنا، كما يرى ابن الصلاح، حيث يقول (٢): "حدثنا، وأخبرنا" أرفع من "سمعت" من جهة أخرى، وهي أنه ليس في "سمعت" دلالة على أن الشيخ رواه الحديث وخاطبه به، وفي "حدثنا، وأخبرنا" دلالة على أنه خاطبه به ورواه له، أو هو ممن فعل به ذلك.
واستخدام البغوي لهذه الصيغ في روايته عن شيخه يدل على دقته في الرواية، واتباعه لقواعد الرواية المتعارف عليها لدى المحدثين آنذاك.
_________
(١) ابن الصلاح، أنواع علوم الحديث، ص ١٣٣.
(٢) المصدر نفسه، ص ١٣٥.
1 / 16
المبحث الثاني: منهجه في إيراد الأحاديث:
تبرز ملامح منهج البغوي في إيراد الأحاديث فيما يلي:
أولًا: إيراد الحديث بإسناده ومتنه كاملًا:
درج الإمام البغوي على إيراد الحديث بإسناده ومتنه كاملًا وهو ما نراه في عدد (٥٤٣ من ٥٤٦ حديثًا شملتهم هذه الدراسة)، حتى في حال الحاجة لتكرار الحديث، كان البغوي يورد الحديث - في الغالب- بإسناده ومتنه كاملًا، مثال ذلك الحديث رقم (٧٤، ٢٢١ مكرر) أورده في موضع آخر بسنده ومتنه كاملًا، وكذلك في الأحاديث (رقم ١٩ مكرر برقم ١٠٥ - ورقم ١٠٠ مكرر برقم ٤٢٥ - ورقم ٨٤ مكرر برقم ٤٥١ - ورقم ١٠ مكرر برقم ٤٦٧ - ورقم ٢٣٣ مكرر برقم ٥٢١ - ورقم ٢٠٥ مكرر برقم ٥٢٧).
ثانيًا: التحويل بين الأسانيد:
جمع البغوي بين الأسانيد المتعددة لمتن واحد عن طريق التحويل بين الأسانيد فإذا كان للحديث إسنادان، أو أكثر، فإنه يضع عند الانتقال من إسناد إلى إسناد حاء التحويل (١) (ح)، وهي حاء مفردة مهملة.
مثال حديث رقم (٢٧٧)، قال البغوي: أخبرنا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ المَلِيْحِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْميّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بن يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ (حَ) قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ الْعُصْفُرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ. قَالَا حَدَّثَنَا قَتَادَةُ (حَ) عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ﵁ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ، حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ، (حَ) قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (حَ)، وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بن محمد الْفَارِسِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ،
_________
(١) عُرفت بذلك عند علماء مصطلح الحديث، انظر: أنواع علوم الحديث لابن الصلاح، ص ٢٠٤.
1 / 17
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ -دَخْلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ- قَالَ أَبُو ذَرٍّ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فُرِّجَ عَنِّي سَقْفُ بَيْتِي .... الحديث.
وكذا في الحديث رقم (١٤٥، ٣٧١).
ثالثًا: تعدد المتون لسند واحد:
حيث يروي بسند واحد عدة متون مختلفة، فيروي الحديث الأول بسنده ومتنه، ثم يقول وبهذا الإسناد، ويذكر متن الحديث الثاني، وورد في هذه الدراسة ثلاثة شواهد.
مثال ذلك: حديث رقم (١٠٣)، قال البغوي: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ المَلِيْحِيّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، أَنَا عَلِيُّ بن الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ: سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مضرب بن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ". قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَالَ: إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيُنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ".
ثم قال البغوي عقب الحديث: وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ".
وكذا في الحديث رقم (٢٩١، ٤٩٧).
1 / 18