Nakilden Yaratıcılığa
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Türler
عرض المكونات الثلاثة؛ الوافد والموروث وآليات الإبداع في كل موسوعة على حدة حفاظا على وحدة العمل بالرغم مما قد توقع هذه الطريقة في التكرار. إلا أن ميزتها معرفة مراحل العرض وتحوله من النقل إلى الإبداع عند الفيلسوف الواحد عبر مراحل عمره وليس بين الفلاسفة عبر التاريخ؛ فالتحول من النقل إلى الإبداع يتم في الوعي الفردي والوعي الجماعي. (4)
عرض المكونات الثلاثة كروافد حضارية عامة، الوافد والموروث وآليات الإبداع بصرف النظر عن وحدة الموسوعات وتمايزها وخصوصية كل منها لمعرفة مدى حضور الوافد والموروث وتفاعلهما في الوعي الفردي والجماعي مع آليات الإبداع؛ فالمهم هي البواعث الحضارية العامة وليس الأعمال الفردية، وهي أعم الطرق وأكثرها تجريدا التي تعطي التصور الكلي الشامل.
ويمكن الجمع بطريقة أو بأخرى بين هذه الطرق الأربعة من أجل إثبات التحول من النقل إلى الإبداع دون اختيار حاسم لطريقة دون أخرى حتى لا يطغى المنهج على الموضوع، والآلة على الهدف.
ونظرا للطابع النسقي المجرد للموسوعات الثلاث وإخفاء مصادرها وعدم ظهور المكونات الثلاثة: الوافد والموروث وآليات الإبداع إلا في أقل القليل كان من الضروري الحديث عن النص نفسه بين الترجمة والتعليق والانتحال والشرح والتلخيص والجامع وهي الأنواع الأدبية السابقة على العرض والداخلة فيه خطوة نحو التأليف والتراكم ثم الإبداع الخالص.
وتم اعتبار «الشفاء» هي الموسوعة الأولى التي على أساسها يتم التقسيم إلى منطق وطبيعيات والإلهيات، و«النجاة» تعرض من داخلها لأنها مختصر لها. كما تم تجميع «الإشارات والتنبيهات» و«المجموع» و«عيون الحكمة» حولها. وتم تخصيص الوافد في المنطقي والوافد في الرياضي والوافد في الإلهيات لندرة الوافد الطبيعي. وتم تجميع الموروث كله معا تفاديا للتكرار، تكرار اللغة العربية والبيئة المحلية والموضوعات الدينية خاصة وأن الشفاء عمل واحد بالرغم من تقسيمه إلى أجزاء. ولا يوجد حل أمثل لتقسيم العرض بأية طريقة كانت من الطرق الأربعة.
12 (2) الوافد في المنطق
تتفاوت موسوعات ابن سينا الثلاث بين العرض والتأليف والإبداع. والدليل على ذلك ظهور المكونين الرئيسيين للتأليف، الوافد والموروث في بعض أجزاء الشفاء واختفاؤهما في البعض الآخر، مما يدل على الإبداع الخالص اعتمادا على العقل وحده. ولا يرجع السبب وحده إلى إخفاء ابن سينا مصادره في «المقولات» و«السفسطة» و«الخطابة» من كتب المنطق بل ومن كتب الطبيعيات كلها؛ لأنها تظهر في أجزاء أخرى. كما أن هذا الإخفاء لا يكون في كتب بأكملها حيث كان من الممكن ظهورها لارتباطها بالموروث مثل «السفسطة» لارتباط الجدل بعلم الكلام، و«الخطابة» فالعرب خطباء أو في علوم بأكملها مثل كل أجزاء الطبيعيات، كما يعاود المصدران، الوافد والموروث الظهور في «الإلهيات». إنما يعني أن الموسوعة الواحدة أو مجموع الموسوعات الثلاث تكشف عن مراحل التحول من النقل إلى الإبداع من خلال العرض والتأليف.
كما يتفاوت ظهور الوافد والموروث في أجزاء الشفاء؛ ففي الرياضيات يكثر ذكر الوافد ويقل الموروث. وفي الإلهيات يكاد ينعدم الوافد ويزيد الموروث. وهذا هو الذي دعا إلى قسمة التزاوج العضوي بين الوافد والموروث إلى ثلاثة أنواع: الأول تمثل الوافد قبل تنظير الموروث في حالة غلبة الوافد على الموروث، والثاني تمثل الدافع مع تنظير الموروث في حالة التعادل بينهما في الحضور، والثالث تنظير الموروث قبل تمثل الوافد في حالة غلبة الموروث على الوافد.
ليس المقصود من كتاب «المقولات» توضيح فكر أرسطو أو شرح النص الموضوعي بعيدا عن الشراح بل عرض الموضوع نفسه بعد تزاوج الوافد والموروث لصالح الإبداع الخالص. ابن سينا لا يشرح بل يتمثل ويهضم ويخرج ويتحرك بما لديه من طاقة. بدأ الكندي والفارابي التقطيع والهضم، وعند ابن سينا حدث التمثل والإخراج. وعند ابن رشد تحول الغذاء الأول إلى غذاء نافع لصحة البدن. لم يسر ابن سينا مع نص أرسطو اختلافا أو اتفاقا لأن نص الشفاء عرض إبداعي خالص لا تمايز فيه بين وافد وموروث. بل يكشف النص عن الجدل الدائر حوله وعن بعض المسائل الأخرى التي تحدث عنها أرسطو بصورة عارضة. يغير ابن سينا القصد ويدخل في حوار مع كل ما قيل حتى يمكن إعادة بناء الموضوع وتغيير بؤر الفكر ومستويات التحليل.
كما أن «السفسطة» إبداع خالص. وفي آخر فقرة يبدي فيها ابن سينا إعجابه بأرسطو الذي أتم العلم وليس تعصبا له أو عدم تعمق في دراسة أفلاطون بل مجرد تعبير عن دهشة عبر عنها العالم كله، فأرسطو ختام الفلسفة اليونانية كلها كما أن الإسلام خاتم الرسالات. تقوم فلسفته على العقل والطبيعة كما يقوم إيداع المسلمين على العقل والطبيعة والوحي. ومن يدري فربما أرسطو نبي اليونان لم يذكره القرآن صراحة كما ذكر تلميذه ذا القرنين
Bilinmeyen sayfa