Nakilden Yaratıcılığa

Hasan Hanafi d. 1443 AH
101

Nakilden Yaratıcılığa

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)

Türler

ولما كان هدف الجماعة استدراج أعضاء لها للانخراط فيها اتسمت الرسائل بما تتسم به أدبيات الدعوة الشيعية من تدليس وتمويه وتخف تحت ستار الدين والاكثار من النصوص إبهاما للعامة، والايحاء بالأسرار ذات المعاني الخفية حتى تتوه العامة فيتولى الداعية أمر هدايتها، ويتم التستر تحت الموضوع المحايد مثل الموسيقى أو أي موضوع آخر كمناسبة من أجل الإعلان عن شيء آخر، ويتم الاستشهاد بالأديان كلها لبيان وحدتها وربما لإخراج الناس من دين السلطة وزعزعته إلى دين آخر مناهض لها. يهدف أسلوب الرسائل إلى نزع مقاومة القارئ، والاستسلام كلية للإخوان، ونقله من علم إلى علم، وإخراجه من ولاءاته القديمة وإدخاله في ولاء جديد عن طريق التأويل. قد تكون عناوين الرسائل خادعة، وموضوعاتها نوعا من الغطاء السائر، الموسيقى، الفلك ... إلخ، والمقصود ضم القارئ إلى الدعوة وتجنيد أعضاء جدد لها. لذلك جاء التأليف مصطنعا وليس طبيعيا، موجها وليس محايدا.

ومن وسائل الإيهام إتعاب القارئ وجعله يلهث وراء الأسرار والمعميات والدخول في موضوع والخروج إلى آخر إما لأن الرسائل لا تقول شيئا أو لأنها تقصد فقدان القارئ أو المستمع القدرة على التفكير المنطقي المنظم. تخلط كل شيء بكل شيء، حتى يمل الإنسان فيفقد الاهتمام لأنها لا تهتم بشيء ويستسلم، ومن وسائل الإيهام التطويل الذي لا لزوم له فيتقبل المستمع عن جهل كل هذا العلم. وفي نفس الوقت الاعتماد على أشخاص معينين معروفين بالأفكار المعروضة حتى لا تكشف العامة مصادر الفكر أو تراجع عليه وتتحقق منه. وتوغل في التعليل والبحث عن دلالة كل شيء وعن علة لكل ظاهرة للإيهام بالعلم وبفهم حقائق الطبيعة. ويستعمل العلم لإيهام العامة به وهي الجاهلة حتى الأسماك والحيتان.

18

وتتخللها بعض النوادر للتسلية أو حوارات تشد الانتباه على ألسن الطيور والحيوانات أو مناظرات إشكالية مثل المنطق واللغة بين متى والسيرافي. وتظهر فيها أساليب الإقناع الشعبي كما هو الحال في الوعظ الديني والخطب على المنابر في الأعياد والجمع. وتتسم الرسائل ببعض التكرار، مجرد عرض مادة بلا منطق أو استدلال من أجل تدويخ القارئ بعد إرهابه بهذا القدر الهائل من المعلومات. والتكرار يعلم تصفية النفس للوصول إلى الله وهو غرض معظم الرسائل وجوهرها وسلخها من المجتمع الظالم إلى جماعة العدل. ويتكرر ذلك بأشكال أو تفصيلات جديدة عن الطريق بداية ووسط ونهاية، والمقصود إخراج الإنسان من عالم الواقع إلى عالم الوهم، ومن الحقيقة إلى الخيال حتى يمكن إخراجه من تحت سلطان الدولة، ومن ثم ترتبط النفس بعالم الكواكب، ويرتبط الملأ الأدنى بالملأ الأعلى تعويضا عن النقص في الدنيا ورفعا للروح المعنوية فيها. للظالم الجسد، وللمظلوم الروح كما هو الحال في التصوف. والحديث عن السحر والملائكة والجن والشياطين يثير الخيال. يبدأ الداعية بالتجربة الحسية والمشاهدات العيانية ثم ينتقل منها إلى الدلالات البعيدة.

19

وقد سهل استبعادهم منذ البداية وقبل الفلسفة من الداخل ومن الخارج. هاجمهم أبو سليمان السجستاني ربما لأنهم لم يبلغوا درجة من التجريد العقلي والإحكام النظري، واستعملوا القول الخطابي دون البرهاني، وهاجمهم الفقهاء في معرض هجومهم على الفلاسفة دفاعا عن الموروث واستبعادا للوافد.

وبطبيعة الحال يمكن نقد الفكر الفلسفي الشيعي حتى ولو كان معارضا مثل نقد الفكر الفلسفي السني سواء كان في السلطة أم في المعارضة مثل التبعية والتقليد والقول بعصمة الأئمة والإشراق الباطني والنزعة الصوفية والطابع الاحتفالي الشعائري.

20

والسؤال الآن: لماذا يستمر هذا اللون من الفكر الفلسفي الجماعي السري أو العلني المعارض للسلطة القاهرة؟ ربما تحولت إلى طريقة صوفية نخبوية كما هو الحال في بعض الجماعات المتناثرة باسمها، تعبيرا عن عجز العصر الراهن عن مقاومة الطغيان وإيثار السلامة.

21

Bilinmeyen sayfa