(18) ص 44 - 45 من العثمانية
هذا هو الكذب الصراح والتحريف، والادخال في الرواية ما ليس منها. والمعروف المنقول أنه صلى الله عليه وآله قال له: " اذهب فاضطجع في مضجعي وتغش ببردى الحضرمي فإن القوم سيفقدونني ولا يشهدون مضجعي، فلعلهم إذا رأوك يسكنهم ذلك حتى يصبحوا. فإذا أصبحت فاغد في أمانتي " ولم ينقل ما ذكره الجاحظ، وإنما ولده أبو بكر الأصم وأخذه الجاحظ ولا أصل له. ولو كان هذا صحيحا لم يصل إليه منهم مكروه.
وقد وقع الاتفاق على أنه ضرب ورمى بالحجارة قبل أن يعلموا من هو حتى تضور، وأنهم قالوا له: رأينا تضورك، فإنا كنا نرمي محمدا ولا يتضور. ولان لفظة " المكروه " إن كان قالها إنما يراد بها القتل، فهب أنه أمن من القتل كيف يأمن من الضرب والهوان، أو من أن ينقطع بعض أعضائه، وبأن سلمت نفسه. أليس الله تعالى قال لنبيه: " بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ". ومع ذلك فقد كسرت رباعيته وشج وجهه وأدميت ساقه، وذلك لأنها عصمة من القتل خاصة. وكذلك المكروه الذي أومن علي عليه السلام منه - إن كان صح ذلك الحديث - إنما هو مكروه القتل.
ثم يقال له: وأبو بكر لا فضيلة له أيضا في كونه في الغار، لان النبي صلى الله عليه وآله قال له: " لا تحزن إن الله معنا "، ومن يكن الله معه فهو آمن لا محالة من كل سوء، فكيف قلت: " ولم ينقل ناقل أنه قال لأبي بكر في الغار مثل ذلك " فكل ما يجيب به عن هذا فهو جواب عما أورده. فنقول له: هذا ينقلب عليك في النبي صلى الله عليه وآله، لان الله تعالى وعده بظهور دينه وعاقبة أمره، فيجب على قولك ألا يكون مثابا عند الله تعالى على ما يحتمله من المكروه ولا ما يصيبه من الأذى، إذ كان أيقن بالسلامة والفتح في غده (1)
Sayfa 326