أسماء المشخصين
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
أسماء المشخصين
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
Bilinmeyen sayfa
ناكر الجميل
ناكر الجميل
تأليف
أحمد أبو خليل القباني
أسماء المشخصين
الملك قسطنطين.
الوزير إسكندر.
حبيب:
نجل الملك قسطنطين.
هزار:
Bilinmeyen sayfa
زوجة الوزير.
حليم:
نجل الوزير.
الشيخ ناصر:
معلم حليم.
غادر:
صديق حليم.
منتقم:
السياف.
جند وحرس.
Bilinmeyen sayfa
الفصل الأول
المنظر الأول (غادر وحليم وناصر)
غادر :
ألا بالحمد أبدأ للقدير
مزيل الضر عن قلبي الكسير
كريم راحم بر رءوف
سميع منعم ملك بصير
فلا أحصي الثناء عليك ربي
أيا من جدت بالفضل الغزير
فأنت أغثتني وجبرت كربي
Bilinmeyen sayfa
وأنقذت الفؤاد من السعير
وأنت منحتني نيل الأماني
وأعليت الحقير على السرير
ومن ضعفي ومن جوعي وسقمي
أرى بين الورى دون النقير
فحننت الحليم علي فضلا
ملاذي سيدي نجل الوزير
فداواني وأطعمني وآوى
وألبسني ثيابا من حرير
جزاك الله عني كل خير
Bilinmeyen sayfa
أيا سندي ويا غوث الفقير
غمرت عبيدك العاني بجود
عميم الظل فيه كالأمير
جميع جوارحي بالشكر تثني
على علياك يا بدر البدور
فدم واسلم بعز ما تغنى
حمام الأيك في روض نضير
وما بزغ الصباح وما تجلى
جمال سناك في أفق الحبور
حليم :
Bilinmeyen sayfa
ألا يا صاح دع حمدي وشكري
فإن الحمد للرب الغفور
ودع تذكار إحساني وفضلي
ودع ذكر القليل من الكثير
فأنت أخي وريحاني وروحي
وأنت رجائي في كل الأمور
فسر واحضر لنا ما نبتغيه
لكي نمضي إلى صيد الطيور
وبلغ والدي قصدي بهذا
وعد نحوي لنسرع بالمسير
Bilinmeyen sayfa
غادر :
على رأسي وعيني يا حياتي
سأحضر ما طلبت بلا قصور
حماك الله من كيد الأعادي
ودمت كما تروم مدى الدهور (يخرج غادر.)
المنظر الثاني (حليم وناصر)
حليم :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمو
فطالما استعبد الأحرار إحسان
وكن مع الناس معوانا لذي أرب
Bilinmeyen sayfa
يرجو نوالك إن الحر معوان
أرأيت يا ناصر مثل صنع الجميل؟
ناصر :
لا، وأبيك أيها الحليم النبيل؛ فإن صنع الجميل، يفرج الضيق، ويجعل العدو أحسن صديق.
حليم :
قد نطقت بالصواب، وقد صدق من قال:
ازرع جميلا ولو في غير موضعه
فلا يضيع جميل أينما زرعا
إن الجميل وإن طال الزمان به
فليس يحصده إلا الذي زرعا
Bilinmeyen sayfa
ها أنا قد فعلت مع غادر فعلا لم يسبقني إليه أحد في الزمان الغابر؛ وذلك أني رأيته منطرحا في الطريق، من كثرة الأمراض والضيق، فأخذته وأحضرت له الأطباء، واعتنيت به غاية الاعتناء، وبعد شفائه من المرض أيها الصديق، قد اصطفيته لنفسي خليلا ورفيق، وكذلك والدي نظرا لحبه إلي، كتب على نفسه صكا شرعيا، أن يعامله كولده طول حياته، وأن يكون شريكا لي في جميع الأموال بعد وفاته؛ أملا أن يصير عوني وعضدي، ومسعفي في كل الأمور وسندي، وقد بان والحمد لله معه الجميل، وصار لنا أفضل صديق وألطف خليل.
ناصر :
وكيف أمكن لك يا سيدي أن تصافي هذا الإنسان، قبل الاختبار والامتحان؟
حليم :
إني اختبرته يا ناصر، وعرفت باطنه والظاهر، أما سمعت ما أبداه من الحمد للواحد القادر، وما أظهره لي من الشكر الفاخر؟ ولذا رمت أن أصطحبه معي إلى صيد الطيور؛ لنحصل على كمال النشوة والسرور.
ناصر (مبتسما) :
أمور تضحك الجهلاء منها
ويبكي من عواقبها اللبيب
أراك يا موالاي تصف غادر بالخلة والصداقة، وما هي عن إذنك إلا خفة وحماقة؛ حيث إنك وجدته منطرحا في الطريق، وأنقذته من كل كرب وضيق، ودوايته وآويته، وأطعمته وكسوته، وشاركته في نعمتك، وجعلته أنيس حضرتك، فشكرك بلسانه، والله أعلم بما في جنانه، أهذا هو الصديق؟ لا والله ما هو إلا زنديق.
إن أخا الهيجاء من يسعى معك
Bilinmeyen sayfa
ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك
شتت فيك شمله ليجمعك
أوصل غادر إلى هذه الدرجة؟
حليم :
لا، ما وصل إلى هذه الدرجة؛ وأنا ما وصلت إلى درجة امتحنته بها هذا الامتحان، بل رأيته حسن الوجه عذب اللسان، فقربته إلي وجعلته من الخلان.
ناصر :
وهل ينفع الفتيان حسن وجوههم
إذا كانت الأخلاق غير حسان؟
فلا تجعل الحسن الدليل على الفتى
Bilinmeyen sayfa
فما كل مصقول الحديد يماني
ما هذا التغفل الظاهر ، الذي لا يستحسنه عاقل ولا فاجر؟
إن ود الناس أضحى
لنفاق أو لعله
فاهجر الأصحاب إلا
صاحبا يصحب لله
انتبه يا بني من هذه الغفلة، وانشل نفسك من ورطة هذه الهفوة، واقبل يا معدن اللطائف؛ نصيحة مجرب عارف، قد أنحله الزمان، وأفنته غوائل الحدثان، وعرفته الصالح والطالح، والزائغ والناصح، والخاسر والرابح، والهالك والناجح، وأرته الشدة والرخاء، والعافية والضراء، والعسر واليسر، والسعة والفقر، والتفريج والضيق، والعدو والصديق.
وكنت إذا الصديق أراد قهري
وأشرقني على ظمأ بريق
غفرت ذنوبه وكظمت غيظي
Bilinmeyen sayfa
مخافة أن أعيش بلا صديق
ولكن ما أجداني ذلك نفعا، وما زادني إلا حطة ووضعا، وذلك عند الامتحان، وانقلاب الزمان، ميزت الصدق من المين، واتضح الصبح لكل ذي عينين، وملني الأهل والأصحاب، وتغلقت في وجهي جميع الأبواب، إلا باب العظيم، الرءوف الرحيم، الذي لا يخيب من دعاه، ولا يحرم من استجداه، فإياك يا ابني إياك، من صحبة كل منافق أفاك.
إياك تغتر أو تخدعك بارقة
من ذي خداع يري بشرا وألطافا
فلو قلبت جميع الأرض قاطبة
فلا أخا يبذل الإنصاف إن صافى
حليم :
قد أطلت يا ناصر الكلام، وأسهبت بالتقريع والملام.
ناصر :
لا أيها الحليم، والزاهر الوسيم، أنا ما أطلت الكلام، ولا أسهبت بالملام، بل ما قلته هو الحق، والعدل والصدق، وأكرر النصح والمقال، وإن ألقيته في زوايا الإهمال، إنك لست من صحبة غادر على طائل، ولو كان والله سحبان وائل؛ لأن أفكاري ما استحسنت صداقته، ولا استطابت مرافقته، وما أراه إلا كذابا خداع، خلابا لذاع، ذا شقاوة ومرية، وعداوة وفرية، ظاهره سرور، وباطنه شرور.
Bilinmeyen sayfa
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منك كما يروغ الثعلب
حليم :
إن الجلي على الخفي دليل
ومن الفؤاد إلى الفؤاد سبيل
لا تحسبن بغادر غدرا فما
لصفاء نيته أخي مثيل (ينشد):
إظهار ما تخفي الصدور
قد خص بالمولى القدير
إن رمت إدراك الأمور
Bilinmeyen sayfa
فمن الظواهر كن بصير
في كل حال يا شكور
سلمت أمري اليوم لك
فبأمرك السامي يدور
ما في البسيطة والفلك
ناصر :
آه يا مولاي حليم، والله إنك مع غادر على خطر جسيم، ولا بد ما يدس لك السم في الدسم، فتندم حيث لا ينفعك الندم، ولا يفيد التلافي بعد التلاف، ولا يرد السهم في القوس وقد خرق الشفاف؛ حيث إني درست السياسة على أعظم شيخ وهو الزمان، ومارست ما شان وما زان، وأنت شاب غرير، وبعواقب الأمور ليست بخبير، لا مارست الخلق، ولا ميزت بين الصدق من ذوي الملق، ولا خبرت ولا سبرت، ولا سمعت ولا نظرت، بل نشأت في ظلال النعيم، واستهلال ظهورك صحبة غادر اللئيم، فاستخلصته لنفسك، وجعلته ريحانة أنسك، وشاركته في النسب والمال، وما فكرت في العاقبة والحال، وفعلت فعلا لا يرضاه عاقل، ولا يقرك عليه جاهل.
حليم (غاضبا) :
قد تجاوزت الحد يا ناصر، وأسرفت في ذم غادر، أما علمت أن الأخ الصلبي ربما يضرك، وأما الصديق الصالح فإنه أبدا يسرك، والصاحب الشفيق، خير من الأخ الشقيق، وأنا ما اتخذت غادرا لا لشدة ولا لرخاء، بل ما فعلته معه ما هو إلا من باب المروءة والسخاء، وأنت ما نقص عليك من محبتي لغادر؟
ناصر (مبتسما) :
Bilinmeyen sayfa
أنا أيها المحسن الباهر ما نقص علي شيء من المراسيم، وما فقد مني شيء مما أسديته إلي من النعيم، وإنما نظرا لما لك من الإحسان، يجب أن أحذرك من نوائب الزمان، ولا تظن ما قلته لك هو ناشئ عن خبث طوية، لا بل هو من خلوص السريرة وصفاء النية، وحيث إني رأيت الزمان حقود، والصاحب أول ناكث للعهود، فقد أخبرتك، وحذرتك وأنذرتك، من غدر صاحب أن تختاره وهو يختار سواك، وأنت تفديه بنفسك وهو يود لك الهلاك، إن أعطيته حرمك، وإن رحمته ظلمك، تصعد به ظلال النعيم، وهو يهوي بك إلى حضيض الجحيم، تطعمه الشهد والحلاوة، وهو يسعى بينك وبين الناس بالعداوة، وما ذلك إلا لنفعه وضرك، وخيره وشرك، يدنس ويدلس، ويوسوس ويهوس، ويروج الباطل، ويحلي العاطل، لا يستحسن الترف، ولا ينظر إلى الشرف، بل يجد في منفعته الخصوصية، بقطع النظر عن الجهة والحيثية، ومتى ذهبت السكرة، وجاءت الفكرة، يتضح للإنسان حقيقة الحال، ويتذكر قول من قال:
المرء في زمن الإقبال كالشجرة
والناس من حولها ما دامت الثمرة
حتى إذا ما انقضت أيام مدتها
تفرقوا وأرادوا غيرها شجرة
ولا يزداد المرء إيقان، إلا بالتجريب والامتحان.
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت
له عن عدو في ثياب صديق
فاتعظ أيها الحليم، بنصح مجرب حكيم.
إذا أنت فتشت القلوب وجدتها
Bilinmeyen sayfa
قلوب أعاد في جسوم أصادق
حليم (غاضبا) :
ما هذا الحمق الشديد، والنصح الذي لا يفيد؟ أترغب أن أعيش وحشيا يا لئيم، بلا خليل ولا نديم؟
ناصر :
أما سمعت يا حميد الصفات، ما قاله صاحب المقامات:
ونديم محضته صدق ودي
إذ توهمته صديقا حميما
ثم أوليته قطيعة قال
حين ألفيته عدوا ذميما
خلته قبل أن أجرب إلفا
Bilinmeyen sayfa
ذا ذمام فبان جلفا ذميما
وتخيرته كليما فأمسى
منه قلبي بما جناه كليما
وأنا يا مولاي ما قلت بعدم صنع الجميل، لا بل أقر بأنه لازم وجليل، وعلى كل افعل ما بدا لك، نجح الله أمورك وأفعالك، ولكن:
الرأي عندي أن تكون على حذر
من غادر كي لا تهان إذا غدر
أحليم كن متيقظا حتى إذا
وافى اللصوص تكون ليلا في سهر
إن نام غيرك آمنا لجميله
فاصح لكونك محسنا واجل النظر
Bilinmeyen sayfa
احذر وكن مستيقظا لا سيما
إن تم فعلك بالجميل هنا الخطر
أوما ترى أن الكسوف أوانه
لما يتم النور في كرة القمر؟
فاحفظ كلامي كله كي لا تقو
ل رميت سهمي إنما انقطع الوتر
فهناك تغدو نادما متحيرا
بين الأنام وعبرة لمن اعتبر
حليم :
وإن كان يا ناصر كلامك مرصعا بجواهر الصواب، فلا يمكن أن أقبله؛ حيث إني في مودة غادر بعيد عن الارتياب؛ لأني منذ عرفته إلى اليوم، لم أر منه ما يوجب اللوم، وكان من الواجب أن أتبع رأيك وأكون منه على حذر، ولكن قلبي لا يطاوعني أن أسمع بغادر كلام أحد من البشر؟!
Bilinmeyen sayfa
ناصر (في نفسه) :
يا لله أنصحه فيناقض، وأرشده فيعارض، ونتيجة قوله لنصحي المفتخر، ألا يسمع بغادر كلام أحد من البشر. (لحليم) : والله إن غادرا لذميم، وشيطان رجيم؛ كثير الوسواس، خئون خناس، قليل الأمانة، مصدر الخيانة، ذو مضرة ورياء، ومخاصمة ومراء، أخلاقه ذميمة، وأوصافه مشومة، خبيث الطوية، وحركاته شيطانية، كالنار في الإحراق، وإبليس في الشقاق؛ وحيث إني ألمعي الفراسة، وماهر في السياسة، أقول إن غادرا لغادر، وماكر فاجر، ولو لم يكن مستحقا لما كان عليه، لما أوصل الله تلك الإهانة إليه، حليم حليم، مولانا حليم، أتريد أن تسعد من أشقاه الله، وتقرب من طرده وأقصاه؟ كلا، كلا.
إذا المرء لم يخلق سعيدا من الأزل
فخاب الذي ربى وخاب المؤمل
فموسى الذي رباه جبريل كافر
وموسى الذي رباه فرعون مرسل
فلا تحصل يا سيدي من صحبة غادر على السلامة، ولا بد ما تقع في الحسرة والندامة؛ حيث إنه خال من الصفات الحميدة، والشمائل السعيدة، قبيح الفعل، رديء الأصل.
هيهات تجني سكرا من حنظل
فالشيء يرجع بالمذاق لأصله
حليم (غاضبا) :
Bilinmeyen sayfa