المقالة الثالثة: في الأمور الطبيعية وغير الطبيعية للأجسام
الأجسام منها بسيطة ومنها مركبة فأما المركبة فتثبت بالمشاهدة وأما البسيطة فتثبت بتوسط المركبة لأن كل مركب قائما يتركب عن بسائط وللأجسام كلها أحياز ضرورية وهي التي تتباين
فصل في أن لكل جسم طبيعي حيزا طبيعيا
فأقول إن لكل جسم حيزا ومكانا طبيعيا لأنه إما أن يكون كل مكان له طبيعيا أو يكون كل مكان له منافيا لطبيعته أو يكون كل مكان مكانا له لا طبيعيا ولا منافيا لطبعه وأعني ههنا بالمكان الحيز والمكان جميعا أو يكون بعض الأمكنة له بحال وبعضها بخلافة ولا يمكن أن يكون كل مكان له طبيعيا فإنه يلزم منه أن يكون مفارقة كل مكان له خارجة عن طبعه وتوجهه نحو كل مكان توجها نحو ملائم بالطبع وليس شيء مما هو توجه نحو الملائم خارجا عن طبعه هذا خلف وأيضا فإن الاحياز غير متفقة في استحقاق أن يكون فيها أجرام فإن منها علوا ومنها سفلا وتوجد في المشاهدة أجسام تتحرك إلى أسفل وأجسام تتحرك إلى العلو فإذا الجسم إذا استدعى مكانا من الأمكنة فليس ذلك بما هو جسم إذا الأجسام تتفق في الجسمية وتختلف في استحقاق الأمكنة فإذا إنما تستدعيها بقوة فيها والقوة التي فيها إما قوة ذات اختيار وهي إذا رفعت لم يبطل وجود الجسم ولا بطل استدعاء المكان - وإما قوة طبيعية فإذا استدعاء المكان موجود لكل جسم وإن لم يكن هناك قوة اختيارية وإن كان هناك قوة اختيارية فليس ذلك عنها بل عن قوة طبيعية إذ الجسم إذا استحق أن يكون في مكان معين استحق ذلك ما دام على نوعه وإن اختلفت أغراضه الارادية - وهذه القوة الطبيعية إن كانت واحدة فيه فمقتضاها لذاتها واحد من الأمكنة لا كل مكان وإن كانتا اثنتين متساويتين واختلف اقتضاؤهما للمكان لم يحصل الجسم في مكان واحد منهما وإلا فهو الغالب وإن كان ولابد فإنما يحصل في المكان المتوسط بين مكانيهما لتشابه تجاذب القوتين وهو أيضا واحد وإن كانت اثنتين متقاومتين فحصوله بالطبع في مكان الأغلب وهو أيضا واحد وبين من هذا القول أن المكان الطبيعي إن كان فهو واحد فإذا لا يمكن أن يكون كل مكان طبيعيا له ولا أيضا يمكن أن يكون كل مكان خارجا عن الطبع منافيا له فإن هذا الجسم لا يسكن البتة بالطبع وكيف يسكن وكل مكان مناف لطبعه والسكون بالطبع في المكان الطبيعي ولا يتحرك البتة بالطبع وكيف يتحرك والحركة بالطبع تختص بجهة مطلوبة بالطبع وإذا تحرك إليها وحصل عندها إما أن يقف في آخر تلك الحركة إذا انتهت المسافة ولابد
Sayfa 111