Bilimsel Bir Felsefeye Doğru
نحو فلسفة علمية
Türler
الواقع أننا في علم الحساب إذ نتعلم أن 2 + 2 = 4، فنحن لا نتعلم بهذا إلا طريقة استخدام رموز مكان رموز أخرى إذا ما جرى الاتفاق بأن يكون الرمزان مترادفين؛ فلا فرق أبدا بين أن أعلم الطفل الناشئ بأن الرمز «4» يمكن وضعه مكان الرمز «2 + 2» في أي موضع شاء دون أن يتأثر تكوين العبارة، لمجرد الاتفاق بين المشتغلين بهذه الرموز على أن يكون الرمزان مترادفين؛ أقول إنه لا فرق أبدا بين هذا وبين أن أعلمه بأن «ابن الخطاب» هو نفسه «عمر» ثاني الخلفاء الراشدين، وله أن يضع أحد الاسمين مكان الآخر في أي عبارة شاء، أو كما أعلمه أن «الليث» اسم آخر ل «الأسد»، وأن الاسمين مترادفان، وله أن يستبدل أحدهما بالآخر. وتظل «2 + 2 = 4» صادقة حتى لو فرضنا أن العالم كله ليست فيه أربعة أشياء؛ فقد يكون في العالم كائن واحد، ومع ذلك يجوز لنا القول بأن 2 + 2 = 4؛ مما يدل على أن صحة استخدام هذه الصيغة الرمزية لا يقوم حجة على طبيعة العالم الخارجي.
يقول «كانت» وهو في سياق رأيه بأن القضية الرياضية إخبارية، ما معناه أن فكرة «2 + 2» ليست هي نفسها فكرة «4»، وأننا إذ نفكر الفكرة الأولى فلا نفكر في الوقت نفسه في الفكرة الثانية؛ إذ ليست «الأربعة» متضمنة في أي من جزأي الفكرة الأولى، فلا هي في «الاثنين» الأولى ولا هي في «الاثنين» الثانية؛ وإذن فهي إضافة جديدة أضافها الإنسان إلى علمه بالعالم حين عرف أن الفكرة الأولى - فكرة «2 + 2» - والفكرة الثانية - فكرة «4» - متساويتان. وهذا صحيح، فمن ذا الذي زعم له أن «2 + 2 = 4» قانون نفسي مؤداه أننا لا نفكر الفكرة الأولى إلا إذا فكرنا الفكرة الثانية أيضا! إننا لا نزعم ذلك، لا نزعم أن التفكير في الأولى يؤدي حتما إلى التفكير في الثانية بناء على قانون في علم النفس يحتم ذلك، بل نقول إن هنالك «اتفاقا» على استخدام الرموز يجعل الرمز الأول والرمز الثاني مترادفين. إنك إذا قرأت كلمة «ليث » فعرفت أنها مساوية لكلمة أخرى هي «الأسد»، لم يكن معنى ذلك أن قانونا نفسيا يحتم علينا أننا إذا ما استحضرنا إلى أذهاننا فكرة «الليث» تبعتها فكرة «الأسد»، كلا، ولا معناه أيضا أننا قد اكتسبنا علما جديدا بالعالم الخارجي حين عرفنا أن «الأسد» هو نفسه «الليث»، بل كل ما هنالك أننا قد ألممنا بالطريقة الاتفاقية التي تواضع عليها المتكلمون باللغة العربية على استخدام الرموز.
وكثيرا ما يقال لنا اعتراضا على رأينا في القضية الرياضية من أنها تحصيل حاصل، إن تحصيل الحاصل إن يكن واضحا في قضية مثل «2 + 2 = 4»، فليس هو بهذا الوضوح في العمليات الرياضية المعقدة؛ فمن ذا الذي ينظر - مثلا - إلى العددين «31913» و«95890» فيدرك من فوره أنهما «127803»؟ أو من ذا الذي ينظر إلى الرمز الجبري «س + ص»
2
فيعلم من فوره أنه مساو للرمز الجبري «س
2 + ص
2 + 2 س ص»؟ لكن أمثال هذه الاعتراضات في رأينا سطحية وساذجة؛ لأنك دائما إذا حللت الشق الثاني من أي معادلة رياضية وجدته في النهاية يرتد إلى نفس العناصر التي يتكون منها الشق الأول، وإلا فلم تكن «المعادلة» لتستحق اسمها هذا. والخلاصة أنك إذا ما كنت إزاء معادلة رياضية، فأنت عندئذ تكون إزاء رمز واحد مكرر مرتين، وإن يكن هذا التكرار قد جاء على صورتين مختلفتين.
وكذلك الأمر في النظريات الهندسية؛ فكل نظرية منها مستولدة من المسلمات الأولى، حتى لكأنها هي نفسها تلك المسلمات قد أعيدت كتابتها على صورة أخرى. ولو كان في النظرية الهندسية إضافة جديدة إلى ما قد تضمنته المسلمات، لكان ذلك نفسه علامة على فساد استدلالها؛ إذ النتيجة في الاستنباط لا يجوز لها أن تأتي بما لم يرد في المقدمات؛ فمن تعريف المثلث في هندسة إقليدس بأنه سطح مستو محوط بثلاثة خطوط مستقيمة، تترتب نتيجة خاصة بمقدار زواياه، وهي أن تلك الزوايا تساوي 180 درجة، وقد نظن أن هذه النتيجة علم جديد لم يكن في التعريف، وهو علم يزودنا بخبر عن المثلث المرسوم في الطبيعة الخارجية. ولو كان الأمر كذلك لصح قول القائلين بأن القضية الرياضية قبلية وإخبارية في آن معا، لكن حقيقة الموقف غير ذلك؛ فهذه النتيجة صحيحة على فرض التعريف الذي أسلفناه للمثلث، وهو أنه سطح مستو محوط بثلاثة خطوط مستقيمة، ولكن ماذا لو غيرنا التعريف فجعلنا المثلث هو سطح منحن محوط بثلاثة خطوط منحنية (كالمثلث المرسوم على سطح كرة مثلا)؟ عندئذ تتغير النتيجة بالنسبة لمجموع الدرجات في زواياه، وتكون هذه النتيجة صوابا كما كانت النتيجة الأولى صوابا؛ لأن صواب كل منهما ليس متوقفا على مطابقته لما يحدث في الطبيعة الخارجية، بل متوقف على صحة استدلاله من المقدمة المفروضة. وإنه ليجمل بنا في هذا الصدد أن نقول إن هندسة إقليدس بفرضها أن السطح مستو قد انتهت إلى نتائج، منها أن زوايا المثلث تساوي قائمتين، وقد نجد أن هذه النتيجة تنطبق على الطبيعة أيضا، ولكن انطباقها هذا في الحقيقة ناتج عن أن الأسطح التي نمارسها في حياتنا العملية دائما من الصغر (الصغر النسبي) بحيث لا يبدو فيها الانحناء، ولكن لما وجد أن هذه النتائج نفسها لا تنطبق على المساحات الكونية الكبرى، كأن تأخذ مثلثا - مثلا - رأسه الشمس، وضلعاه شعاعان من الضوء، وقاعدته سطح الأرض، فترى عندئذ أن نتائج إقليدس غير منطبقة على الواقع الطبيعي، وإن تكن رغم ذلك محتفظة بصدقها الرياضي؛ لأنها لا تزال نتائج مستنبطة استنباطا سليما من مقدماتها المفروضة.
إن التفكير الرياضي هو أشبه شيء بطاحونة معدة لطحن كل أنواع الغلال؛ فالآلة تطحن سواء كان الموضوع فيها قمحا أو شعيرا، وهي تطحن طحنا مقبولا ما دامت تستخرج من الغلال الموضوعة فيها كل ما تحتوي عليه من الدقيق، وليس على الطحان أن يكون الطحين ناصع البياض أو ذا سمرة خفيفة؛ لأنه - باعتباره طحانا - لا يسأل عن شيء إلا أن يكون هذا الدقيق من تلك الغلال. وهكذا يكون الرياضي في الرياضة البحت، لا يطلب منه إلا أن تكون نتائجه صحيحة الاستنباط من تلك المسلمات المفروضة، ولا شأن له بعد ذلك أن تجيء تلك النتائج مطابقة للعالم الطبيعي أو غير مطابقة. وبعبارة أخرى، شأن الرياضي هو أن يحسن التكرار - تكرار المقدمات في النتائج - وليس شأنه أن يحسن الإخبار.
ومبادئ المنطق - كقضايا الرياضة - هي كذلك صورية خالصة؛ لأنها قوالب فارغة من المضمون الحسي؛ فصدقها إن يكن ضروريا، والعلم بها إن يكن قبليا، فما ذلك إلا لأنها لا تقول شيئا إيجابيا عن الطبيعة بحيث تتعرض من أجله للخطأ؛ فهي في صميمها ليست إلا قواعد وضعناها لنستخدم الرموز اللغوية على أساسها، وليس فيها شيء من الحق فوق ذلك.
Bilinmeyen sayfa