ثم يصول أحدهم على من شتمه، ويسالم من شتم ربه، ويغضب على من شبه أباه بعبده، ولا يغضب على من شبه الله بخلقه، ويزعم أن في أحاديث المشبهة تأويلا ومجازا ومخارج، وأنها حق وصدق. فإذا قيس ...... طلب لهذا المجاز ظلم، وقال ما يليق بلفظ الحديث، فيكون بشهادته لصحة أحاديثهم مقرا، فيصير فيما يدعي من خلاف تأويلهم مدعيا. ولو كانت هذه الأحاديث كلها حقا كان قول النبي صلى الله عليه وسلم: " سيفشو الكذب بعدي، فما جاءكم من الحديث فاعرضوه على كتاب الله " باطلا.
وهذا المذهب لمن ينتحل طريقتنا، زعمه سبيلنا، جور شديد، ومذاهب قبيحة، وتقرب فاحش.
وليس ينبغي لديان أن يواد من حاد الله ورسوله، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم.
فمتى إذن تزول التقية، ويجب إظهار الحق والنصرة للدين، والمباينة للمخالفين؟! أحين يموت الخصم ويبيد أثره ويهلك عقبه ويقل ناصره، ويزول جميع الخوف ويكون على يقين من السلامة. وكيف يكون القائم حينئذ بالحق مطيعا، ولله معظما؟!
فقد سقطت المحنة وزالت البلوى والمشقة. وهل المعصية إلا ما مازجه الهوى والشهوة، وهل الطاعة إلا ما شابه المكروه والكلفة، وكيف يتكلف مالا مؤونة فيه، وكيف يحمد مالا مرزئة عليه. وكيف يكون شجاعا من أقدم في الأمن، وتكمن في الخوف. أو ليست النار محفوفة بالشهوات، أو ليست الجنة محفوفة بالمكاره. وكيف صاروا في باطلهم أيام قدرتهم أقوى منا في حقنا أيام قدرتنا.
Sayfa 287