Nefha Zakiyya
النفحة الزكية في تاريخ مصر وأخبار الدولة الإسلامية
Türler
صلى الله عليه وسلم
من يده وقال لعمه: «سيكون لهذا الصبي شأن عظيم؛ ينتشر ذكره في مشارق الأرض ومغاربها.»
ولما كمل له من العمر خمس وعشرون سنة صار اسمه في قومه الأمين؛ لما جمع فيه من الأمور الصالحة، فعرضت عليه خديجة بنت خويلد وكانت ذات شرف ويسار أن يخرج بمالها تاجرا إلى الشام، فأجابها إلى ذلك وخرج، ثم رغبت فيه وعرضت نفسها عليه فتزوجها وعمرها يومئذ أربعون سنة، وأقامت معه إلى أن توفيت بمكة اثنتين وعشرين سنة، ولم يتزوج عليها في حياتها، وأولاده منها القاسم والطيب والطاهر وعبد الله وقد ماتوا صغارا، وفاطمة زوج علي بن أبي طالب، وزينب زوج أبي العاص، ورقية وأم كلثوم تزوج بهما عثمان بن عفان واحدة بعد الأخرى، وأما إبراهيم فمن مارية القبطية وقد مات صغيرا أيضا، ولما كمل له أربعون سنة أرسله الله تعالى للناس كافة بشيرا ونذيرا، وأيده بجميع المعجزات التي أيد بها المرسلين قبله، وخصه بالقرآن الكريم الذي هو أعظم المعجزات، المحفوظ من كل طارئ ما دامت الأرضون والسموات، فأظهر الدعوة، فكان أول من آمن به خديجة زوجته وعلي ابن عمه وزيد مولاه وأبو بكر صديقه، ثم دعا أبو بكر بعضا من أشراف قريش منهم عثمان بن عفان إلى الإسلام فأسلموا، وجاء بهم إلى النبي فآمنوا به، ثم صار يزداد عدد المؤمنين يوما فيوما؛ فأسلم عمه حمزة، وأسلم عمر بن الخطاب وكان من أشد المعارضين له
صلى الله عليه وسلم ، فازداد غيظ قريش وصارت كل قبيلة تعذب من آمن منها، فأذن النبي
صلى الله عليه وسلم
لمن ليس له عشيرة تحميه في الهجرة إلى الحبشة، وأما هو عليه الصلاة والسلام، فقد منع عنه عمه أبو طالب إيذاء قريش، فلما مات أبو طالب عمه (619م)، وماتت خديجة زوجته (620م)، أصابته قريش بعظيم من أذى، فعزم على أن يترك مكة للقرشيين، فذهب أولا إلى الطائف، ثم عاد إلى مكة ومنها هاجر إلى المدينة وهي يثرب بعد أن بايع أهلها بيعتي العقبة على منعه من أعدائه، فأمر المؤمنين بالمهاجرة إليها، وخرج هو مع أبي بكر فأقاما ثلاثة أيام بغار في جبل ثور على بعد ثلاثة أميال من مكة جنوبا، ثم وصلا إلى المدينة بعد ستة أيام، ولحقهما بها علي بن أبي طالب؛ ولذا دعي أهل المدينة بالأنصار وأهل مكة بالمهاجرين، وكانت الهجرة في 8 ربيع الأول من السنة الرابعة عشرة من بعثته
صلى الله عليه وسلم (16 يوليو سنة 622م).
وفي السنة الثانية منها كانت غزوة بدر، وفي الثالثة حصلت وقعة أحد، وفي الثامنة أسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وفتحت مكة، فأمر النبي
صلى الله عليه وسلم
المسلمين أن لا يقتلوا فيها إلا من قاتلهم، وأمن من دخل المسجد ومن أغلق على نفسه بابه وكف يده ومن تعلق بأستار الكعبة سوى قوم يؤذونه، وأسلم أبو سفيان، وهو عظيم مكة، من تحت السيف، وفي السنة العاشرة حج عليه الصلاة والسلام حجة الوداع، ثم وعك ومرض، وتوفي يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة 11 من الهجرة بعد أن نصح الأنام، وبلغ الرسالة إلى جميع العالم، وكاتب بها الملوك
Bilinmeyen sayfa