[الرابع عشر] : فصل في جواز نسخ السنة بالكتاب
إنما خالف الشافعي في هذه المسألة ، والناس كلهم على خلاف قوله ، وكل شيء دللنا به على أن السنة المقطوع بها تنسخ القرآن يدل على هذه المسألة ، بل هو هيهنا آكد وأوضح ، لأن للقرآن المزية على السنة. وقولهم : لو نزلت آية تقتضي نسخ سنة لأمر الله تعالى بأن يسن سنة ثانية تكون ناسخة للأولى ، تحكم بغير دلالة ، فمن أين لهم ذلك؟! وأي فرق بينهم وبين من قال : إن الله تعالى إذا أراد أن ينسخ سنة بسنة أخرى أنزل قرآنا ليكون النسخ به لا بالسنة؟! وبعد فلو سلم لهم ما اقترحوه ؛ لم يخرج القرآن من أن يكون ناسخا للسنة ، بل كانا معا ناسخين ، وليس ذلك بملتبس بالبيان ، ولا مخرج له صلى الله عليه وآلهوسلم عن كونه مبينا.
وقد استدل على جواز نسخ السنة بالقرآن بوقوع ذلك ، والوقوع أكثر من الجواز ، وذكر أن تأخير الصلاة في وقت الخوف كان هو الواجب أولا ، ثم نسخ بقوله تعالى : ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) (1). وإنما كان ذلك نسخا من حيث كان جواز التأخير مع استيفاء الأركان كالمضاد للأداء في الوقت مع الإخلال ببعض ذلك. وذكر أيضا أن قوله تعالى : ( فلا ترجعوهن إلى الكفار ) (2) نسخ مصالحته صلى الله عليه وآلهوسلم قريشا على رد النساء. وأقوى من ذلك نسخ القبلة الأولى وكانت ثابتة بالسنة ، بالقبلة الثانية وهي معلومة بالقرآن.
[الخامس عشر] : فصل فيما يعرف به كون الناسخ ناسخا
* والمنسوخ منسوخا
اعلم أن كون الناسخ ناسخا إنما يعلم بأن يكون لفظه يقتضي ذلك أو معناه ، فمثال اقتضاء اللفظ أن يقول : نسخت كذا بكذا ، ويجري مجراه
Sayfa 201