326

المتقين ستهديهم إلى مراحل ارفع واسمى بالاستعانة بهداية القرآن.

وتوجد تعبيرات في القرآن تشبه ما جاء في الآية السابقة ، مثلما جاء في الآية : ( وإنه لتذكرة للمتقين ). (الحاقة / 48)

فعدت الآية الاولى القرآن «هدى» للمتقين وسببا لهدايتهم ، والثانية «تذكرة» لهم ، ونعلم أن «التذكر» من مقدمات «الهداية» ، ولهذا عندما وصل عدد من المفسرين إلى هذه الآية أرجعوا الحديث فيها إلى نفس الحديث في بداية سورة البقرة.

وعلى أية حال ، فإن هذه الآيات شاهد ناطق على دور التقوى كممهد للمعرفة والهداية.

* *

وقد وضحت الآية الثانية علاقة التقوى بالمعرفة توضيحا أكثر من الآية السابقة وصرحت : ( يا أيها الذين آمنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ).

إن «الفرقان» كما يقول بعض أئمة اللغة : (اسم مصدر)، وادعى بعض آخر (مصدر) إلاأن أغلب المفسرين يصرحون بأن له في موارد كهذا المورد معنى فاعليا مقرونا بالتأكيد (أشبه ما يكون بمفهوم صيغة المبالغة)، ومعناه الشيء الذي يفرق بين الحق والباطل ، وله مفهوم واسع يشمل القرآن المجيد ومعجزات الأنبياء والأدلة العقلية الواضحة وشرح الصدر والتوفيق والنورانية الباطنية وغير ذلك (1).

وبهذا ، فالقرآن يقول بأن «التقوى» هي الأرضية التي تعد للمعرفة والتي يمكن الاستدلال بها تماما في بعض المراحل ، وتنطوي في المراحل الاخرى ضمن الامدادات الإلهية المعنوية.

سمى القرآن المجيد يوم معركة بدر «يوم الفرقان» ، وذلك من حيث إنه يوم شهد آيات الله البارزة تؤيد جند الإسلام ضد جند الشرك ، فبالرغم من عدة وعدد المشركين الذي يقدر بثلاثة أضعاف عدد المسلمين ، تحملوا ضربات قاسية من المسلمين لم يتوقعها أحد.

Sayfa 344