274

* جمع الآيات وتفسيرها

** لم يحجب الذنب القلوب عن الفقه؟

إن الآية الاولى بعد إشارتها إلى تاريخ وقصص خمسة أقوام من الأقوام السالفة وهم (قوم نوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب) حيث نزل عليهم العذاب الإلهي لتكذيبهم آيات الله ، قالت : ( تلك القرى نقص عليك ... ).

إن جملة ( كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين ) لا تشير إلى أي كافر كان ، وذلك كثيرا من المؤمنين كانوا في صفوف الكفار والتحقوا بصفوف المؤمنين بعد سماعهم لدعوة الأنبياء ، فالمراد إذن ذلك الفريق من الكافرين الذين ألحوا وأصروا على كفرهم ، فان كفرهم هذا يحول دون معرفتهم ورؤيتهم للحق.

والشاهد على هذا الكلام هو قوله : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ) أي أن تعصبهم بلغ درجة لا تسمح لهم بتغيير طريقتهم والرجوع عن الباطل إلى الحق ، وقد ذكرت خمسة وجوه في تفسير هذه الجملة في تفسير الميزان والفخر الرازي (1)، إلاأن أظهرها هو ما تقدم اعلاه.

والآية الثانية بعد ما أشارت إلى سلوك فريق من اليهود وعدائهم للأنبياء قالت : ( فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله ... ).

يقول القرآن : إنهم لا يفقهون شيئا وذلك لكفرهم فطبع الله على قلوبهم من جراء ذلك.

بديهي أن المراد من الكفر هنا هو الكفر المتزامن مع العناد ، والكفر المتزامن مع العداء للأنبياء ، والكفر المتزامن مع نقض المواثيق باستمرار والاستهزاء بآيات الله ، ومسلم أن كفرا كهذا يجعل حجابا على عقل الإنسان لا يسمح لصاحبه أن يدرك الحقائق ، وهذا شيء صنعته أيديهم ولا جبر في البين.

ويظهر أن مرادهم من «قلوبنا غلف» هو الاستهزاء بآيات الله وبشخصية موسى بن عمران ، لا أنهم يعتقدون أن قلوبهم خلقت مغلفة لا تفهم الحقائق (كما جاء ذلك في بعض

Sayfa 290