حاجب الشمس، فاسنقذ ما استرقه لِصُّ الليل من الحواس الخمس، فكأنه جذوة نار، أو قطعة من دينار.
ترى الأرض منه وقد فُضِّضَتْ ... ولون السماءِ وقد ذُهِّباَ
ثم قال النهار لليل، وقد هجم عليه هجوم السيل، أيها المدعي مقام الدعوة إلى الله،
وهو في حال الغفلة عن مولاه لاه، كيف تسنمت ذروة هذا المنبر؟ كأنك تكتب بالمسك وتختم بالعبر!! لقد أطلت فيما (لا طائل تحته) ولا معنى، (أسمع حعجعةً ولا أرى طحنا)، فلو كنت ممن انتخب غرر الشيم وانتقى، لاتعظت بقوله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى)، فتنبه من غفلتك أيها الليل، قبل أن تدعو بالثبور والويل، وإلا فرَّقت طلائع سوادك أي تفريق، ومزقت سوابغ ظلامك أي تمزيق، (فما كل مرة، تسلم الجرة).
فاسودَّ وجه الليل، وانقلب بحشف وسوء كيل، ندم على مناضلة النهار، ندامة الفرزدق حين فارق النَّوارَّ، (ولما سقط في يده)،
1 / 143