Nabi Musa ve Tel el-Amarna'nın Son Günleri
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
Türler
لكن كي تتم تبرئة الإله نهائيا مما يحدث لعبيده الخلص من نوازل، كان لا بد من العثور على مصدر للشر، وهنا تعود الإنسانية إلى فجر قديم، عندما كانت العقائد القديمة تقول بإلهين أحدهما للخير والآخر للشر، أوزيريس وسيت في مصر، وبعل وموت في كنعان، وأهورمزدا وإهريمان في إيران، وإنليل وتهامة في العراق، وبعل وموت في الشام، ووقع اختيار التيار الإسرائيلي الجديد (المسيحية) على شخصية عابرة وردت بالتوراة باعتبارها من بني الله ليكون سببا للشرور، وبنو الله في التوراة عنصر هجين ناتج عن زواج الله ببنات الناس، وذلك الابن هو الذي يحمل اسما عبريا ترجمته: الغريم أو الواشي، واسمه «شاطان» ونكتبها في العربية «شيطان».
وكان يتوجب على شاطان أحيانا (في الأسفار المتأخرة من العهد القديم)، أن يقوم بتجريب الناس في إيمانهم بتكليف من يهوه، فيضرب المخلصين مثل أيوب العبد الصالح بالمرض والفقر بعد صحة وغنى، اختبارا لإيمانه، والواضح أنها كانت إحدى محاولات تبرير وتبرئة الإله، باعتبار ما يحدث من نوازل هو ابتلاء من الله واختبار لأحبائه.
وكان أول ظهور لهذا الابن المتميز «شاطان» في سفر أيوب، وأيوب هو أبرز المحبين لله وأبرز المصابين في الله، وجاء التبرير في هذا السفر في حكاية هي الأولى من نوعها حينذاك، وتقول الحكاية: «وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب، وجاء الشيطان أيضا في وسطهم [في الأصل العبري المازوري شاطان]، فقال الرب للشيطان: من أين جئت؟ فأجاب الشيطان الرب وقال: من الجولان في الأرض والتمشي فيها، فقال الرب للشيطان: هل جعلت قلبك على عبدي أيوب لأنه ليس في الأرض مثله رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر، فأجاب الشيطان الرب وقال: هل مجانا يتقي أيوب الله؟ أليس أنك سيجت حوله وحول بيته، وحول كل ماله من كل ناحية، وباركت أعمال يديه فانتشرت مواشيه في الأرض، ولكن ابسط يدك الآن ومس كل ماله، فإنه في وجهك يجدف عليك، فقال الرب للشيطان: هو ذا كل ماله في يدك ... ثم خرج الشيطان من أمام وجه الرب» (أيوب، 1: 6-12)، وذهب شاطان وضرب أيوب بالمرض والفقر.
وهكذا وجد الاتجاه الجديد بغيته في التراث الإسرائيلي نموذجا للإله الشرير القديم، ومن ثم أصبحت كل الشرور في المسيحية الناهضة تنسب إلى واحد من أبناء يهوه هو الشيطان الواشي أو الغريم، وفي الإسلام وجد له مكانا وركنا ركينا، «وتحولت الواشي إلى الوسواس الذي يوشوش أو يوسوس للناس» ويشككهم فيما يعتقدون، أما المسيحية فقد وجدت خلاصها وخلاص البشر في تنزيه الله عن الشر؛ لأنه فقط رب محبة، أما الشر فهو من شاطان أو الشيطان الملعون إبليس، الذي جاء حسب التوراة «من الجولان والتمشي في الأرض»، وهو الكلام الذي لا معنى له، وستكشف عن معناه صفحات هذا الكتاب، عندما نعلم من هو الرب المشاء الجواب، الذي كان ربا لمشائين جوابين وكان ربا للشر.
وقبل أن نصل إلى هذه المرحلة نجد العهد القديم، عبر المحررين الذين دونوه، وهم غالبا من الكهنة والأنبياء المتعددين، يحاولون دوما تجريم الابتعاد عن طريق يهوه، ويعدون ذلك انحرافا عن صحيح العقيدة وخيانة للرب تستحق عقابه الشديد، لكن يهوه أبدا لم يحتج يوما على رب البطاركة الأوائل، رب سفر التكوين المعروف باسم إيل، بل حاول التخفي وراءه، والإيعاز أنه كان هو ذات إيل ونفسه.
لقد كان إيل هو رب زمن البطاركة الأوائل من إبراهيم حتى موسى، لكن موسى الذي عاش مع الإسرائيليين في مصر، وتكررت زيارته إلى سيناء، خرج على شعبه بإله جديد هو يهوه، زعم أنه قد التقاه في سيناء، في هيئة شجرة ضوئية، لكن يهوه رغم حربه الضروس ضد الآلهة الأخرى، لم يكن بإمكانه أن يتنكر لرب البطاركة، ومن ثم كانت كذبته على موسى:
هكذا تقول لبني إسرائيل: يهوه إله آبائكم، إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب، أرسلني إليكم، هذا اسمي إلى الأبد. (خروج، 3: 15)
أنا ظهرت لإبراهيم وإسحاق بأني الإله القادر على كل شيء، «وأما باسمي يهوه فلم أعرف عندهم». (خروج، 6: 2-3)
والصفة «الإله القادر على كل شيء» و«الله العلي مالك السماوات والأرض»، كانت صفات معلومة للرب السامي الكنعاني «إيل»، وكان ملك أورشليم الكنعاني «ملكي صادق» أو الملك صادق، كاهنا لهذا الإله، وسبق له أن بارك إبراهيم الوافد الغريب ضيفا على بلاد كنعان، وقد باركه باعتباره أن ملكي صادق ممثل لإيل ونائب عنه وكاهن له، وقال له: «مبارك إيرام من الله العلي مالك السماوات والأرض» (تكوين، 14: 19).
وهنا يصح التساؤل من الباحثين المدققين، إذا كان حقا يهوه إلها معروفا في فلسطين قبل الخروج من مصر، وإذا كان هو ذات عين إيل، فلماذا سميت المدينة المقدسة «بيت إيل» ولم تسم «بيت يهوه»؟ ثم لماذا يتخذ سفر التكوين من إيل إليها، بينما تتحدث بقية الأسفار عن يهوه دون أي اعتبار أو وزن للإله إيل، الذي ملأ سفر التكوين بحضوره الكثيف؟ هذا مع ملاحظة أن أول ظهور للإله يهوه كان في لقائه بموسى في سيناء المصرية وليس في فلسطين، لا بد إذن أن هناك تغيرا جوهريا قد حدث، وأن سفر التكوين تحديدا كان نتاجا لثقافة قديمة في فلسطين، قبل مجيء إبراهيم إليها من أور الكلدانيين، وعليه تكون بقية الأسفار التالية هي نتاج ثقافة أخرى لشعب يعبد يهوه ولا يعرف إيل، وأنه قد تم ضم السفر الفلسطيني القديم للتوراة صاحب «إيل»، لإثبات علاقة نسب بالدم بين أتباع الإلهين، إله شعب فلسطين «إيل»، وإله شعب جديد «يهوه السيناوي»، وجاء مع الخروج من مصر بدين جديد إلى فلسطين.
Bilinmeyen sayfa