النبي
المطرة
المحبة
الزواج
الأبناء
العطاء
الغذاء
العمل
الفرح والترح
المساكن
Bilinmeyen sayfa
الثياب
البيع والشراء
الجرائم والعقوبات
الشرائع
الحرية
العقل والعاطفة
الألم
معرفة النفس
التعليم
الصداقة
Bilinmeyen sayfa
الحديث
الزمان
الخير والشر
الصلاة
اللذة
الجمال
الدين
الموت
الوداع
النبي
Bilinmeyen sayfa
المطرة
المحبة
الزواج
الأبناء
العطاء
الغذاء
العمل
الفرح والترح
المساكن
الثياب
Bilinmeyen sayfa
البيع والشراء
الجرائم والعقوبات
الشرائع
الحرية
العقل والعاطفة
الألم
معرفة النفس
التعليم
الصداقة
الحديث
Bilinmeyen sayfa
الزمان
الخير والشر
الصلاة
اللذة
الجمال
الدين
الموت
الوداع
النبي
النبي
Bilinmeyen sayfa
تأليف
جبران خليل جبران
ترجمة
أنطونيوس بشير
النبي
وظل المصطفى، المختار الحبيب، الذي كان فجرا لذاته، يترقب عودة سفينته في مدينة أورفليس اثنتي عشرة سنة؛ ليركبها عائدا إلى الجزيرة التي ولد فيها.
وفي السنة الثانية عشرة، في اليوم السابع من أيلول شهر الحصاد، صعد إلى قنة إحدى التلال القائمة وراء جدران المدينة، وألقى نظرة عميقة إلى البحر، فرأى سفينته تمخر عباب البحر مغمورة بالضباب.
فاختلج قلبه في أعماقه، وطارت روحه فوق البحر فرحا، فأغمض عينيه، ثم صلى في سكون نفسه. •••
غير أنه ما هبط عن التلة حتى فاجأته كآبة صماء، فقال في قلبه:
كيف أنصرف من هذه المدينة بسلام، وأسير في البحر من غير كآبة؟ كلا! إنني لن أبرح هذه الأرض حتى تسيل الدماء من جراح روحي؛
Bilinmeyen sayfa
فقد كانت أيام كآبتي طويلة ضمن جدرانها، وأطول منها كانت ليالي وحدتي وانفرادي، ومن ذا يستطيع أن ينفصل عن كآبته ووحدته من غير أن يتألم في قلبه؟
كثيرة هي أجزاء روحي التي فرقتها في هذه الشوارع، وكثير هم أبناء حنيني الذين يمشون عراة بين التلال، فكيف أفارقهم من غير أن أثقل كاهلي وأضغط روحي.
فليس ما أفارقه بالثوب الذي أنزعه عني اليوم ثم أرتديه غدا، بل هو بشرة أمزقها بيدي.
كلا، وليس فكرا أخلفه ورائي، بل هو قلب جملته مجاعتي، وجعله عطشي رقيقا خفوقا. •••
بيد أنني لا أستطيع أن أبطئ في سفري.
فإن البحر الذي يدعو كل الأشياء إليه يستدعيني، فيجب علي أن أركب سفينتي وأسير في الحال إلى قلبه.
ولو أقمت الليلة ها هنا، فإنني - مع أن ساعات الليل ملتهبة - أجمد وأتبلور وأتقيد بقيود الأرض الثقيلة.
وإنني أود لو يتاح لي أن يصحبني جميع الذين ها هنا، ولكن أنى يكون لي ذلك؟
فإن الصوت لا يستطيع أن يحمل اللسان والشفتين اللواتي تسلحن بجناحيه؛ ولذلك فهو وحده يخترق حجب الفضاء.
أجل، والنسر، يا صاح، لا يحمل عشه بل يطير وحده محلقا في عنان السماء.
Bilinmeyen sayfa
وعندما بلغ المصطفى سفح التلة التفت ثانية إلى البحر، فرأى سفينته تدنو من المرفأ، وأبناء بلاده يروحون ويجيئون على مقدمتها.
فهتف لهم من صميم فؤاده وقال:
يا أبناء أمتي الأولى، أيها الراكبون متون الأمواج المذللون مدها وجزرها!
كم من مرة أبحرتم في أحلامي! وها قد أتيتم ورأيتكم في يقظتي التي هي أعمق أحلامي.
إنني على أتم الأهبة للإبحار، وفي أعماقي شوق عظيم يترقب هبوب الرياح على القلوع بفارغ الصبر.
ولكنني أود أن أتنفس مرة واحدة في هذا الجو الهادئ، وأن أبعث بنظرة عطف واحدة إلى الوراء.
وحينئذ أقف معكم، ملاحا بين الملاحين.
أما أنت أيها البحر العظيم، أيها الأم الهاجعة!
أنت أيها البحر العظيم الذي فيك وحدك يجد النهر والجدول سلامهما وحريتهما.
فاعلم أن هذا الجدول لن يدور إلا دورة واحدة بعد، ولن يسمع أحد خريره على هذا المعبر بعد اليوم، وحينئذ آتي إليك، نقطة طليقة إلى أوقيانوس طليق.
Bilinmeyen sayfa
وفيما هو ماش رأى عن بعد رجالا ونساء يتركون حقولهم وكرومهم، ويهرولون إلى أبواب المدينة.
وسمعهم يصرخون بعضهم ببعض من حقل إلى حقل، مرددين اسمه وكل منهم يحدث رفيقه بقدوم سفينته. •••
فقال في نفسه:
أيكون يوم الفراق يوم الاجتماع؟
أم يجري على الأفواه أن مسائي كان فجرا لي؟
وماذا يجدر بي أن أقدم للفلاح الذي ترك سكته في نصف تلمه، وللكرام الذي أوقف دولاب معصرته؟
أيتحول قلبي إلى شجرة كثيرة الأثمار فأقطف منها وأعطيهم؟
أم تفيض رغباتي كالينبوع فأملأ كئوسهم؟
هل أنا قيثارة فتلامسني يد القدير، أم أنا مزمار فتمر بي أنفاسه؟
أجل، إنني هائم أنشد السكينة، ولكن ما هو الكنز الذي وجدته في السكينة لكي أوزعه بطمأنينة؟
Bilinmeyen sayfa
وإن كان هذا اليوم يوم حصادي، ففي أية حقول بذرت بذاري، وفي أي فصل من الفصول المجهولة كان ذلك؟
وإن كانت هذه هي الساعة التي يجدر بي أن أرفع فيها مصباحي واضعا إياه على منارتي، فإن النور الذي يتصاعد منه ليس مني؛
لأنني سأرفع مصباحي فارغا مظلما،
ولكن حارس الليل سيملؤه زيتا، وسينيره أيضا.
قال هذا معبرا عنه بالألفاظ، ولكن كثيرا مثل هذا حفظه في قلبه من غير أن يعلنه؛ لأنه هو نفسه لم يقدر أن يوضح سره العميق. •••
وعندما دخل المدينة استقبله الشعب بأسره، وكانوا يهتفون له مرحبين به بصوت واحد.
فوقفه شيوخ المدينة وقالوا له:
بربك لا تفارقنا هكذا سريعا؛
فقد كنت ظهيرة في شفقنا،
وقد أوحى شبابك الأحلام في نفوسنا،
Bilinmeyen sayfa
وأنت لست بالغريب بيننا، كلا، ولا أنت بالضيف، بل أنت ولدنا وقسيم أرواحنا الحبيب؛
فلا تجعل عيوننا تشتاق إلى رؤية وجهك.
ثم قال له الكهان والكاهنات:
لا تأذن لأمواج البحر أن تفصل بيننا، فتجعل الأعوام التي قضيتها بيننا نسيا منسيا؛
فقد كنت فينا روحا محيية، وكان خيالك نورا يشرق على وجوهنا.
قد تعشقتك قلوبنا، وعلقتك أرواحنا،
ولكن محبتنا تقنعت بحجب الصمت، فلم نستطع أن نعبر عنها،
بيد أنها تصرخ إليك الآن بأعلى صوتها، وتمزق حجبها بيديها لكي تظهر لك حقيقتها؛
فإن المحبة منذ البدء لا تعرف عمقها إلا ساعة الفراق.
ثم جاء إليه كثيرون متوسلين متضرعين، فلم يرد على أحد جوابا، ولكنه كان يحني رأسه، وكان الواقفون حوله ينظرون عبراته تتساقط بغزارة على وجنتيه وصدره.
Bilinmeyen sayfa
وظل يمشي مع الشعب حتى وصلوا إلى الساحة الكبرى أمام الهيكل.
المطرة
وحدث إذ ذاك أن امرأة عرافة خرجت من المقدس، اسمها المطرة.
فنظر إليها نظرة ملؤها الحب والحنان؛ لأنها كانت أول من سعى إليه وآمن به مع أنه لم يكن له إلا ليلة وضحاها في مدينتهم.
فحيته باحترام وقالت له:
يا نبي الله، قد طالما كنت تسعى وراء ضالتك المنشودة، مفتشا عن سفينتك التي كانت بعيدة عنك.
وها قد وصلت سفينتك، ولم يبق من بد لسفرك.
عظيم هو حنينك إلى أرض أحلامك وتذكاراتك، ومواطن الفائقات من رغباتك؛ ولذلك فإن محبتنا لا تقيدك، وحاجتنا إليك لا تمسك بك،
ولكننا واحدة نسألك قبل أن تفارقنا:
أن تخطب فينا وتعطينا من الحق الذي عندك،
Bilinmeyen sayfa
ونحن نعطيه لأولادنا، وأولادنا لأولادهم وحفدتهم، وهكذا يثبت كلامك فينا على ممر العصور.
ففي وحدتك كنت ترقب أيامنا، وفي يقظتك كنت تصغي إلى بكائنا وضحكنا في غفلتنا؛
لذلك نضرع إليك أن تكشف مكنوناتنا لذواتنا، وتخبرنا بكل ما أظهر لك من أسرار الحياة من المهد إلى اللحد.
فأجاب قائلا:
يا أبناء أورفليس، بماذا أحدثكم إن لم أظهر لكم ما يختلج في نفوسكم وتتحرك به ضمائركم حتى في هذه الساعة؟
المحبة
حينئذ قالت له المطرة: هات لنا خطبة في المحبة.
فرفع رأسه ونظر إلى الشعب نظرة محبة وحنان، فصمتوا جميعهم خاشعين، فقال لهم بصوت عظيم:
المحبة.
إذا أشارت المحبة إليكم فاتبعوها،
Bilinmeyen sayfa
وإن كانت مسالكها صعبة متحدرة.
وإذا ضمتكم بجناحيها فأطيعوها،
وإن جرحكم السيف المستور بين ريشها.
وإذا خاطبتكم المحبة فصدقوها،
وإن عطل صوتها أحلامكم وبددها كما تجعل الريح الشمالية البستان قاعا صفصفا. •••
لأنه كما أن المحبة تكللكم، فهي أيضا تصلبكم.
وكما تعمل على نموكم، هكذا تعلمكم وتستأصل الفاسد منكم.
وكما ترتفع إلى أعلى شجرة حياتكم فتعانق أغصانها اللطيفة المرتعشة أمام وجه الشمس،
هكذا تنحدر إلى جذورها الملتصقة بالتراب وتهزها في سكينة الليل. •••
المحبة تضمكم إلى قلبها كأغمار الحنطة،
Bilinmeyen sayfa
وتدرسكم على بيادرها لكي تظهر عريكم،
وتغربلكم لكي تحرركم من قشوركم،
وتطحنكم لكي تجعلكم أنقياء كالثلج،
وتعجنكم بدموعها حتى تلينوا،
ثم تعدكم لنارها المقدسة، لكي تصيروا خبزا مقدسا يقرب على مائدة الرب المقدسة. •••
كل هذا تصنعه المحبة بكم، لكي تدركوا أسرار قلوبكم، فتصبحوا بهذا الإدراك جزءا من قلب الحياة.
غير أنكم إذا خفتم، وقصرتم سعيكم على الطمأنينة واللذة في المحبة،
فالأجدر بكم أن تستروا عريكم وتخرجوا من بيدر المحبة إلى العالم البعيد حيثما تضحكون ، ولكن ليس كل ضحككم، وتبكون، ولكن ليس كل ما في مآقيكم من الدموع.
المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها.
المحبة لا تملك شيئا، ولا تريد أن يملكها أحد؛
Bilinmeyen sayfa
لأن المحبة مكتفية بالمحبة.
أما أنت إذا أحببت فلا تقل: «إن الله في قلبي»، بل قل بالأحرى: «أنا في قلب الله.»
ولا يخطر لك البتة أنك تستطيع أن تتسلط على مسالك المحبة؛ لأن المحبة إن رأت فيك استحقاقا لنعمتها تتسلط على مسالكك.
والمحبة لا رغبة لها إلا في أن تكمل نفسها.
ولكن إذا أحببت، وكان لا بد من أن تكون لك رغبات خاصة بك، فلتكن هذه رغباتك:
أن تذوب وتكون كجدول متدفق يشنف آذان الليل بأنغامه.
أن تخبر الآلام التي في العطف المتناهي.
أن يجرحك إدراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك، وأن تنزف دماؤك وأنت راض مغتبط.
أن تنهض عند الفجر بقلب مجنح خفوق، فتؤدي واجب الشكر ملتمسا يوم محبة آخر.
أن تستريح عند الظهيرة وتناجي نفسك بوجد المحبة.
Bilinmeyen sayfa
أن تعود إلى منزلك عند المساء شاكرا؛
فتنام حينئذ والصلاة لأجل من أحببت تتردد في قلبك، وأنشودة الحمد والثناء مرتسمة على شفتيك.
الزواج
ثم قالت له المطرة ثانية: وما رأيك في الزواج أيها المعلم؟
فأجاب قائلا:
قد ولدتم معا، وستظلون معا إلى الأبد،
وستكونون معا عندما تبدد أيامكم أجنحة الموت البيضاء.
أجل، وستكونون معا حتى في سكون تذكارات الله.
ولكن، فليكن بين وجودكم معا فسحات تفصلكم بعضكم عن بعض، حتى ترقص أرياح السموات فيما بينكم.
أحبوا بعضكم بعضا، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود، بل لتكن المحبة بحرا متموجا بين شواطئ نفوسكم.
Bilinmeyen sayfa
ليملأ كل واحد منكم كأس رفيقه، ولكن لا تشربوا من كأس واحدة.
أعطوا من خبزكم كل واحد لرفيقه، ولكن لا تأكلوا من الرغيف الواحد.
غنوا وارقصوا معا، وكونوا فرحين أبدا، ولكن فليكن كل منكم وحده،
كما أن أوتار القيثارة يقوم كل واحد منها وحده، ولكنها جميعا تخرج نغما واحدا. •••
ليعط كل منكم قلبه لرفيقه، ولكن حذار أن يكون هذا العطاء لأجل الحفظ؛
لأن يد الحياة وحدها تستطيع أن تحتفظ بقلوبكم.
قفوا معا ولكن لا يقرب أحدكم من الآخر كثيرا؛ لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين،
والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها.
الزواج.
الأبناء
Bilinmeyen sayfa
ثم دنت منه امرأة تحمل طفلها على ذراعيها، وقالت له: هات حدثنا عن الأولاد.
فقال:
إن أولادكم ليسوا أولادا لكم.
إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم.
ومع أنهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكا لكم.
أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولكن لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم؛ لأن لهم أفكارا خاصة بهم.
وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادهم،
ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم؛
فهي تقطن في مسكن الغد، الذي لا تستطيعون أن تزوروه ولا في أحلامكم.
وأن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم،
Bilinmeyen sayfa