هل إلى نظرةٍ إليك سبيل ... فيروى الصدى ويسفى الغليل؟
إن ما قل منك يكثر عندي ... وكثيرٌ ممن تحب القليل
فقال الأصمعي: لمن تنشدني؟ فقال: لبعض الأعراب، فقال: هذا والله هو الديباج الخسرواني، قال: إنهما لليلتهما، فقال: لا جرم والله إن أثر الصنعة والتكلف بينٌ عليهما. حدثنا بهذا الحديث أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش النحوي، قال: حدثنا أبو الحسن المهراني، قال: حدثني أبو خالد يزيد بن محمد المهلبي، قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي، قال: أنشدت الأصمعي، إلا أنه ذكر عن إسحاق أنه قال له: إنهما لليلتهما، فقال الأصمعي: أفسدتهما؛ فالأصمعي في هذا غير ظالم؛ لأن إسحاق - مع علمه بالشعر، وكثرة روايته - لا ينكر له أن يورد مثل هذا؛ لأنه يقوم في النفس أنه قد احتذاه على مثال، وأخذه عن متقدم، وإنما يستطرف مثله من الأعرابي الذي لا يعول إلا على طبعه وسليقته، وابن الأعرابي في أبي تمام أعذر من الأصمعي في إسحاق؛ لأن أبا تمام كان مغرمًا مشغوفًا بالشعر، وانفرد به، وجعله وكده، وألف كتبًا فيه، واقتصر من كل علم عليه، فإذا أورد المعنى المستغرب لم يكن ذلك منه
1 / 24