فلما سمعا هذا الابتداء أعرضا عنه، وأسقطا القصيدة، حتى عاتبهما أبو تمام، وسألهما النظر فيها، فلولا أنهما ظفرا ببيتين مسروقين فيها استحسناهما فعرضا القصيدة على عبد الله بن طاهر وأخذا له الجائزة لكان قد افتضح، وخابت سفرته، وخسرت صفقته، والبيتان:
وركب كأطراف الأسنة عرسوا ... على مثلها والليل تسطو غياهبه
لأمر عليهم أن تتم صدوره ... وليس عليهم أن تتم عواقبه
أخذ معنى البيت الأول من قول البعيث:
أطافت بعثٍ كالأسنة هجدٍ ... بخاشعةٍ الأصواء غبرٍ صحونها
وأخذ معنى البيت الثاني من قول الآخر:
غلام وغى تتحمها فأبلى ... فخان بلاءه الدهر الخؤون
وكان على الفتى الإقدام فيها ... وليس عليه ما جنت المنون
ولما أوصلا إليه الجائزة قالا له: لم تقول مالا يفهم؟ فقال لهما: لم لا تفهمان ما يقال؟ فكان هذا مما استحسن من جوابه.
وهذا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، ما
1 / 21