وأنشدني للحكمي:
روحها روحي، وروحي روحها، ... ولها قلب، وقلبي قلبها
فلنا روح وقلب واحد، ... حسبها حسبي، وحسبي حسبها
ولعمري إن ذلك لحسن جميل: والذي قيل في ذلك كثير طويل، وقد نهى قوم عن استعمال الميل في المودة، واعلم أن ذلك مع دوام المحبة وصفاء المودة لحسن غير مدفوع، غير أنه قد نهي عن استعمال الميل في المودة وكثرة الإفراط في المحبة وإدمان الزيارة في كل يوم وساعة لموضع الملل والسلوان الذي هو طبع الإنسان، وأمرنا بالقصد في كل الأمور، بدوام المحبة والسرور. وقد ذكرت بعض ذلك وفيه مقنع.
النهي عن استعمال الإفراط في حب الصديق
روي عن بعض الحكماء أنه قال: لا يفرط الأديب في محبة الصديق، ولا يتجاوز في عداوة العدو، فإنه لا يدري متى تنتقل صداقة الصديق عداوة، ولا متى تنتقل عداوة العدو صداقة.
وحكي عن علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، أنه قال: أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما.
وروي عن عمر بن الخطاب، ﵁، أنه قال: لا يكن حبك كلفًا ولا بغضك تلفًا.
ومن أمثال أكثم بن صيفي: الانقباض من الناس مكسبة للعداوة، وإفراط الأنس مكسبة للملال. قال أبو عبيدة: يريد أن الاقتصاد أدنى إلى السلامة.
1 / 32