464

والجواب عن ذلك : أن ظاهره إنما يدل على أن القرآن لا يزيد الظالمين إلا خسارا ، فمن أين أنه تعالى يريد ذلك أو يخلقه ، ولم صاروا ، إذا لم يمكنهم حمل الآية على ظاهرها ، أن يتأولوها على أنه تعالى يزيدهم ، دون أن تحمل على وجه آخر؟ لأن ما أمكن فيه الوجوه الكثيرة فحمله على البعض دون البعض يحتاج إلى دلالة. ولم صاروا بتأويلهم أولى منا بأن نقول : إن نزول القرآن لما كان كالسبب فى أن كفروا جاز أن يضاف ذلك إليه ، كما أضاف تعالى زيادة الرجس إلى السورة ، فى قوله : ( فزادتهم رجسا إلى رجسهم ) (1).

ولو لا أن الأمر على ما قلناه لم يستحقوا الذم بذلك ، ولم يكن القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين ، لأنه تعالى هو الذى خلق فيهم الإيمان وفى غيرهم الكفر ، فلا يكون للقرآن تأثير فى ذلك ، وهذا ظاهر البطلان.

** 430 دلالة :

يدل على أن المكلف يتمكن من الإيمان ، قادر عليه ، مزاح العلة فيه ، وإنما يؤتى من قبل نفسه.

ولو كان تعالى لم يقدره عليه ، بل خلق فيه الكفر وقدرة الكفر ، لكان تعالى قد منعه من الإيمان ، فكان لا يصح أن يوبخ بهذا القول أو يقرع بذكره.

ومن وجه آخر : وهو أنه قال : ( إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا ) (2) فبين أنه لا مانع لهم إلا هذا بزعمهم ، وبين أن هذا غير مانع أيضا ؛

Sayfa 469