والجواب عن ذلك : أن ظاهره إنما يدل على أنهم يحملون أوزار الذين أضلوهم ودعوهم إلى ما هم عليه من المذاهب ، وهذا القدر مما لا يقول به القوم ؛ لأن أحدا منهم لا يقول إن العبد يستحق عقوبة غيره إذا كان مكلفا ، ومن قال منهم : إن الطفل يؤخذ بذنب أبيه ، لم يقل بمثله فى المكلف ، إلا من قال منهم آخرا : إن لله أن يفعل بهم من العقوبة ما شاء ، وهذا القائل يجوز أن يعاقب الله الأنبياء ، وأن يبتدئ المكلف العقوبات ، فلا وجه لأن يستدل بهذه الآية مع هذا (1) القول (2).
وبعد ، فإن الظاهر يوجب أنهم يحملون أوزارهم وأوزار غيرهم ، وذلك يوجب فى ذلك الغير أن يزول عنه ذلك الوزر ، ومتى قالوا : فالمراد مثل أوزارهم ، فقد تركوا الظاهر!
والمراد بالآية : أنهم يحملون أوزارهم ، من حيث ضلوا وأخطئوا ، ومن أوزار من دعوهم وأضلوهم من حيث كانوا السبب فى ضلالتهم ، ويكون المراد بذلك أن وزرهم يعظم من حيث تأسى بهم القوم فى الضلال ، على مثال ما روى عنه صلى الله عليه فى قوله : « من سن سنة سيئة فعليه وزرها ومثل وزر من عمل بها ».
وقد بينا أن فعل الضال يعظم ما يستحق عليه ، من حيث يكون سببا لضلال الغير ، كما تعظم الطاعة بالتأسى ، وعلى هذا حملنا أمر النبى صلى الله عليه وسلم على أنه إنما زاد فى الفضل على سائر الأنبياء عليهم السلام مع قصور فى
Sayfa 437