400

وهو المقدر له : كان من فعله أو من فعل العباد ، فقال : ( وكل شيء عنده بمقدار ) (1).

والجواب عن ذلك : أن ظاهره إنما يدل على أن كل شيء يعلم مقداره وما يختص به ؛ لأن المراد بقوله : ( عنده ) فى هذا المكان : فى علمه ، وصدر الكلام يدل عليه ، لأنه قال تعالى : ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ) (2) ثم عطف على ذلك ، فقال : ( وكل شيء عنده بمقدار ) ليبين أن ما ذكره وما لم يذكره من الأمور سواء فى أنه تعالى يعلم مقداره ، وأن علمه لا يختص بمعلوم دون معلوم ، فمن أين أن المراد بذلك ما قالوه ، والظاهر لا يقتضيه؟

وبعد ، فلو أراد بذلك أنه قدره لوجب حمله على أنه بين أحواله ؛ لأن « التقدير ) فى اللغة قد يتناول فى الظاهر ذلك ، فمن أين أن المراد به الخلق؟ ومتى حملنا الكلام على أن المراد به العلم والبيان وفينا العموم حقه ؛ لأنا نجعله متناولا للمعدوم والموجود ، والماضى والحاصل ، ومتى حمل على ما قالوه وجب تخصيصه ، وألا يتناول إلا الموجود ، فالذى قلناه أولى بالظاهر.

** 364 مسألة :

، ومن معصيته إلى طاعته ، وأنه قد يريد بهم السوء ، وأن ما يريده لا مرد له ، ولا بد (3) من وقوعه ، فقال : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ) (4).

Sayfa 405