وقد قال جعفر بن حرب (1) رحمه الله : « الآية تتعلق (2) بأنه كان فى قوم نوح طائفة تقول بالجبر وبأنه تعالى يريد الفساد ، فخاطبهم منبها لهم على بطلان قولهم ، فقال : ولا ينفعكم نصحى فيما أدعوكم إليه وأنبهكم عليه (3)، إن كان الأمر كما ذكرتم من أنه تعالى المريد لفسادكم ويخلق الكفر فيكم.
وهذا كما نقوله فى (4) المجبرة : إن كان الأمر كما تقولون فلا منفعة فى بعثة الله الأنبياء ، ولا فى الدعاء إلى الله تعالى ، ولا فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ؛ لأن ذلك أجمع لا يمنعه تعالى من خلق ما يريد ، ولا يصح فيه تعالى المغالبة ، فسلك صلى الله عليه فى محاجة قومه هذه الطريقة.
وأما أبو على رحمه الله فإنه يقول إنما أراد أن يؤكد توبيخهم على كفرهم وتمسكهم به ، فقال : ( ولا ينفعكم نصحي ) فيما أدعوكم إليه ، والله تعالى قد أراد أن يحرمكم الثواب وينزل بكم العقاب ، إلا أن تتلافوا بالتوبة ، ورغبهم بذلك فى الرجوع والإنابة.
وذكر أن المراد بالغى هو الخيبة ، لأن من فاته الخير ولم يدركه وخاب منه ، يوصف بذلك فى اللغة.
وقال غيره إن المراد به : إن كان تعالى قد حكم بأنه يريد أن يعاقبهم ، فنصحى لا ينفع ، من حيث كان المعلوم أنكم تستمرون على المعاصى ، لسوء
Sayfa 379