262

فإن قال : لأنه تعالى قال : ( يشرح صدره للإسلام ) فجعل شرح الصدر كالموجب عما أراده به من الهدى.

قيل له : لو قلنا ذلك ، لكان إنما يدل على أنه تعالى قد أراد التمسك بالإيمان ، ولا يدل على أنه خلق!! وهذا قولنا.

فإن قالوا : أفيلزم أن تقولوا بمثله فى قوله تعالى : ( ومن يرد أن يضله ).

قيل له : لا يجب إذا حملنا الظاهر الأول على حقيقته أن نحمل الثانى مع قيام الدلالة المضطرة إلى حمله على التوسع ؛ لأن القياس لا يستعمل فيما هذا حاله (1).

وبعد ، فإن ظاهر الكلام يقتضى أنه أراد بقوله : ( ومن يرد أن يضله ) عما هدى إليه الفرقة الأولى ، بأن يضله عن الأدلة والبيان (2) وهذا مما يطلقه القوم ؛ لأنهم لا يجوزون التكليف مع فقد الأدلة والبيان ، كما يجيزونه مع فقد القدرة.

والمراد عندنا بالآية : أنه أراد بقوله : فمن يرد الله أن يهديه إلى الثواب فى الآخرة جزاء له على إيمانه ، يشرح صدره للإسلام ، ومن يرد أن يضله عن الثواب فى الآخرة يجعل صدره ضيقا حرجا ، وظاهر الكلام يقتضى (3) أن المراد مستقبل ، ولا يمكن أن يمنع من حمله على ما قلناه!

فإن قيل : فما الفائد فى شرح الله الصدر وضيقه فى الفريقين ، وأى تعلق لهما (4) بالهداية والضلالة اللذين ذكرتموهما؟

Sayfa 263