158

124 مسألة : قالوا : ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن جميع تصرف العبد من قبله ، فقال : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم ) [128] فإذا صار ذلك حال الرسول عليه السلام ، فكذلك حال غيره.

والجواب عن ذلك : أن ظاهر ذلك يقتضى ما لا يقول به مسلم ، لأنه تعالى قد ثبت أنه قد جعل لرسوله أن ينذر ويبين ويدعو الى سبيل ربه بالحكمة ، وقال (1): ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) (2) وكل ذلك يوجب أن إليه أمورا كثيرة ، ولو لا ذلك لم يستحق الرفعة ولم يميز بالفضيلة ولم يلزم اتباعه والانقياد له فيما يأمر وينهى فلا ظاهر يصح تعلقهم به.

والمراد بذلك : أنه ليس فى تدبيره مصالح العباد وما يصلح أحوالهم عليه فى الدين شيء ، لأنه عليه السلام ما كان يعرف ذلك. وكان إذا رأى من الكفار التشدد فى تكذيبه والرد عليه سأل الله تعالى أن يأذن له فى أن يدعو عليهم بالاستئصال ، كسائر الأنبياء قبله ، فعزاه تعالى بهذا القول وبين أنه العالم بمصالحهم ، ولذلك قال تعالى بعده (3): ( أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) (4) فبين أن من كفر به إما أن يتوب عليهم فيصيروا من المؤمنين وإما أن يعذبهم فى الآخرة بما يكون أعظم من عذاب الدنيا.

ثم يقال للقوم : إن لم يكن له من الأمر شيء فما ذا يستحق الرفعة والمدح ، ولما ذا خص بما ليس لغيره فى باب لزوم الطاعة؟ ولما ذا يلزم اتباعه؟ فإن كان

Sayfa 159