138

أن يطلب ذلك بشرط المصلحة ، ولو فعله تعالى لحسن ، بل قد فعله تعالى بهذه الأمة ولذلك (1) قال صلى الله عليه وسلم : بعثت بالحنيفية السمحة (2).

فأما قوله : ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) فقد يؤول (3) على وجوه منها : أن المراد به ما قدمناه من طلب التخفيف فى التكليف ، لأن الفصيح قد يقول : الأمر الشاق لا طاقة لى به ، وإن كان لو حاوله لأمكنه.

والثانى : أنه أراد (4) بذلك المغفرة وإزالة العقاب ؛ لأن العبد لا يكاد يطيق العقاب العظيم ، بمعنى أنه لا يطيق تحمله ، ويعظم عليه الصبر فيه.

والثالث : أنه أراد بذلك ما يقتضيه ظاهره ، وهو أن لا يكلفهم بما (5) لا يطيقون وإن كان المعلوم أنه لا يفعله ، كما (6) قال : ( رب احكم بالحق ولا تخزني يوم يبعثون ) (7) وإن كان ذلك معلوما أنه لا يفعله أو سيفعله لا محالة.

وعلى هذا الوجه يسأل الأنبياء والمؤمنون الرحمة والمغفرة ، وتكون الفائدة فى ذلك الانقطاع إلى الله تعالى فى المسألة على كل حال ، ويكون فى ذلك (8) الصلاح التام.

* * *

Sayfa 139