والجواب عن ذلك : أن الإذن لا يدل بظاهره على أن المراد به (1) الخلق ، وإنما يراد به الأمر أو 2 التخلية والإطلاق أو (2) العلم ، ولا خلاف أنه تعالى لا يجوز أن يريد به (3) الأمر إذا كانت الغلبة معصية ؛ لأنه تعالى لا يأمر بها عند الجميع ، فيجب أن تحمل على الوجهين الآخرين ، وإن كانت الغلبة طاعة صح حمله على الوجوه الثلاثة.
** 79 مسألة :
« مما يفعله (5) المقاتل من قبله تعالى فقال : ( ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا : ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ) [250].
والجواب عن ذلك : أنا قد بينا أن سؤال السائل لا يدل على أن المسئول يفعل ذلك ، ولا يدل أيضا (6) على نه يحسن منه أن يفعل ما يقتضيه ظاهره ؛ لأنه إنما يحسن بشرط مظهر أو مضمر ، وكشفنا القول فيه (7).
والمراد بذلك : أنهم سألوا الله تعالى أن يفعل من الألطاف ما يقوى نفوسهم ويفضى منهم بالصبر. وأن يتفضل « بما يعينهم (8) على تثبت أقدامهم ، من أمور يفعلها فيهم أو فيمن ناوأهم ، وأن يفعل ما يؤدى إلى ظفرهم ونصرتهم.
ثم يقال للقوم : إن مدحه لهم بالانقطاع إليه تعالى فى هذه الأدعية ، يدل على أن هذه الأمور تقع باختيارهم ، عند مقدمات من قبله تعالى ، فلو كان كل
Sayfa 128