76

كرر أحدهم: «رغما عنهم؟!»

فقال باتريك الذي لا يرى غضاضة في ترديد أي شيء مجددا: «نعم يشدون رغما عنهم للدخول إلى القرن العشرين.» «يا له من تعبير مثير، وإنساني أيضا.»

ألن يفهم الآن أنه قد أحرج، وتم استدراجه وتعرض للسخرية؟ ولكن باتريك بعد ما تعرض له من إحراج لم يسعه سوى أن يصبح أكثر صخبا. ولم يعد بإمكان روز أن تسمع أكثر من ذلك، فتوجهت إلى الممر الخلفي الذي كان مكتظا بالأحذية الطويلة، والمعاطف، والزجاجات، وأحواض الاستحمام، ولعب الأطفال التي قامت جوسلين وكليفورد بإزاحتها بعيدا من أجل الحفل. وحمدا لله أنه كان خاليا من الناس. خرجت روز من الباب الخلفي ووقفت غاضبة ترتجف في الليل البارد المطير. كانت مشاعرها مختلطة مثلما يمكن أن يحدث لأي شخص في مكانها. كانت تشعر بالمهانة والخزي من باتريك، ولكنها كانت تعلم أن أسلوبه هو أكثر ما أشعرها بالمهانة؛ الأمر الذي جعل الشك يتسرب إليها في أن بداخلها شيئا فاسدا وعابثا. لقد كان غضبها أيضا من هؤلاء الآخرين الأكثر براعة ومهارة، أو على الأقل الأسرع بكثير منه. كانت تريد أن تكون أفكارها عنهم سيئة. ما الذي يهتمون به بشأن الهنود حقا؟ ربما لو أتيحت لباتريك الفرصة للتصرف بشكل دمث نحو أحد الهنود لتفوق عليهم. كان هذا احتمالا بعيدا، ولكنها كانت مضطرة لتصديقه. لقد كان باتريك شخصا صالحا. صحيح أن آراءه ليست سديدة، ولكنه شخص صالح في ذاته؛ فقد كانت روز تعتقد أن باتريك في جوهره بسيط ونقي وجدير بالثقة، ولكن كيف لها أن تكتشفه وتلمسه، لتطمئن نفسها وبالطبع ليس لكشفه للآخرين؟

سمعت الباب الخلفي يغلق، وخشيت أن تكون جوسلين قد خرجت تبحث عنها. لم تكن جوسلين بالشخص الذي يستطيع الإيمان بجوهر باتريك؛ فقد كانت تراه متغطرسا وعنيدا وسخيفا في جوهره.

لم تكن جوسلين، بل كان كليفورد. لم تشأ روز أن تخبره بأي شيء. نظرت إليه دون ترحيب وهي ثملة بعض الشيء، وكئيبة، ومبللة الوجه من أثر المطر، ولكنه طوقها بذراعيه وأخذ يهزها. «آه يا روز، يا حبيبتي. لا عليك يا روز.»

كان هذا هو كليفورد.

ظلا على مدى خمس دقائق أو نحو ذلك يتبادلان القبلات، ويغمغمان، ويرتجفان، ويتضامان، ويتلامسان، ليعودا بعد ذلك إلى الحفل من الباب الأمامي حيث كان سيريل هناك. قال لهما: «أهلا، أين كنتما؟»

أجابه كليفورد بفتور: «نسير تحت المطر.» قالها بنفس الصوت الرشيق وربما العدائي الذي خاطب به روز قائلا لها إنها لذيذة. لقد توقف استدراج باتريك، وصار الحوار أكثر حرية، وثمالة، واستهتارا. كانت جوسلين تقدم الجمبالايا، فذهبت روز إلى دورة المياه لتجفف شعرها وتضع أحمر شفاه على شفتيها اللتين جردتا مما عليهما من أحمر الشفاه. لقد تحولت، لتصبح غير قابلة للتأثر بأي شيء. كان أول شخص قابلته لدى خروجها هو باتريك. كانت لديها رغبة في أن تشعره بالسعادة. ولم تعبأ بما قاله أو ما سوف يقوله.

قالت ذلك بصوت خافت لعوب تستخدمه في بعض الأحيان عندما تشعر ببعض التساهل في الحديث معه: «لا أعتقد أننا قد التقينا من قبل يا سيدي. ولكن يمكنك أن تقبل يدي.»

قال باتريك بحماس قوي: «لصياحي الصاخب.» واعتصرها وقبلها بتمطق مرتفع على وجنتها؛ فقد كان دائما يتمطق بشفتيه حين يقبل. ودائما ما كان مرفقاه يتوغلان في مكان ما من جسدها ويؤلمانها.

Bilinmeyen sayfa