63

شريطة ألا يكون مقلب نفايات، هكذا فكرت روز بخبث.

كانت الفتيات، اللاتي لا تكاد روز تعرفهن، يوقفنها ويطلبن منها مشاهدة الخاتم، ويبدين إعجابهن به، ويتمنين لها السعادة. وعند عودتها لهانراتي في إحدى عطلات نهاية الأسبوع - لكن وحدها في تلك المرة، الأمر الذي شكرت عليه الرب - التقت بزوجة طبيب الأسنان في الشارع الرئيسي. «يا إلهي، روز! يا له من أمر رائع! متى ستعودين هنا ثانية؟ ترغب السيدات في القرية في دعوتك إلى تناول الشاي معهن!»

لم يسبق لهذه المرأة أن تحدثت مع روز، ولم تعكس أي شيء يدل على أنها تعرفها من قبل. صارت الطرق تتفتح أمام روز الآن، والعراقيل تتلاشى. وأسوأ ما في الأمر وأكثره خزيا أن روز، بدلا من أن تقاطع زوجة طبيب الأسنان، تورد وجهها وأظهرت خاتمها متململة وهي توافق على دعوة السيدة معبرة عن إعجابها بالفكرة. وعندما كان الناس يتحدثون عن مدى السعادة التي من المفترض أن تشعر بها، كانت تفكر في أنها سعيدة بالفعل. كان الأمر بهذه البساطة؛ إذ تحولت إلى فتاة مخطوبة في الحال دون أي عناء وبريق الألماس في يديها. سألها الناس عن المكان الذي ستسكن فيه، وأجابت: «كولومبيا البريطانية!» فكان ذلك يضفي مزيدا من السحر على القصة. وكانوا يسألونها: «هل المكان جميل حقا هناك؟ ألا يحل الشتاء هناك أبدا؟

وكانت تجيبهم: «نعم، جميل! لا، لا يوجد شتاء!» •••

استيقظت روز مبكرا، وارتدت ملابسها، وخرجت من الباب الجانبي لجراج منزل الدكتورة هينشو. كان الوقت مبكرا للغاية، ولم تكن هناك أية حافلات، فمشت في المدينة وصولا إلى شقة باتريك، وعبرت المتنزه. وعند النصب التذكاري للحرب في جنوب أفريقيا، شاهدت كلبين يثبان ويلعبان وامرأة عجوزا تراقبهما ممسكة بلجاميهما. كانت الشمس قد أشرقت لتوها، ولمعت أشعتها على جلد الكلبين الشاحبين. بلل الندى العشب، وتفتحت زهور النرجس.

فتح باتريك الباب، أشعث، ناعسا مقطب الجبين، مرتديا بيجامته المخططة باللونين الرمادي والكستنائي. «روز! ما الأمر؟»

لم تستطع النطق. جذبها إلى داخل الشقة، فطوقته بذراعيها، وخبأت وجهها في صدره، ثم قالت بصوت مسرحي: «أرجوك يا باتريك ... أرجوك لا تتزوجني.» «هل أنت مريضة؟ ما الخطب؟»

فكررت ما قالته، لكن بقدر أقل من اليقين: «أرجوك لا تتزوجني.» «أنت مجنونة.»

لم تلمه على هذا التفكير؛ فقد بدا صوتها غير طبيعي على الإطلاق، ومتملقا، وسخيفا. وبمجرد أن فتح لها الباب، ووقفت أمامه على حقيقته بعينيه الناعستين وبيجامته، رأت أن ما أتت لفعله كان أمرا جللا ومستحيلا. كان عليها أن تشرح له كل شيء، لكنها بالطبع لم تفعل. لم تستطع أن تجعله يرى احتياجها لقول ما تريد أن تقوله. لم تجد نبرة الصوت وتعبير الوجه اللذين يساعدانها.

سألها باتريك: «هل هناك ما يضايقك؟ ماذا حدث؟» «لا شيء.» «كيف وصلت إلى هنا؟» «سيرا على الأقدام.»

Bilinmeyen sayfa