قال: من يعلم فقد يطول الأمر، ولكن لا بد من الوصول إلى الحقيقة، فاسمح لي الآن أن أجري بعض المباحث في غرف القصر؛ فقد يمكن أن نجد رسالة أو أثرا نهتدي به.
قال: افعل يا سيدي ما تشاء.
فأخذ القاضي يبحث في الغرف، بينما كان بوفور جالسا في غرفة مرسلين وهو تائه في عالم التفكير مسترسلا إلى الأحزان التي لا توصف.
أما القاضي فقد كان يبحث في الغرف يعاونه قومسير البوليس، وقد عثر على أوراق اصفر وجهه بعد تلاوتها، فطواها ووضعها في جيبه وهو يقول: إن هذا السر الذي اكتشفته لا يحق لي إذاعته، نعم إني وعدت الموسيو بوفور أن أطلعه على كل ما أجده، ولكن الواجب يقضي علي بأن أكتم عنه سر هذه الرسائل، مسكين هذا الرجل فإنه الآن أشد الناس نكدا، ولكن بقي له الأمل.
ثم عاد إلى بوفور فسأله بوفور قائلا: ماذا وجدت؟
قال: لا شيء.
قضت مرسلين أيام شبابها بجانب أبيها؛ فقد ماتت أمها عنها وهي طفلة.
وكان أبوها ميالا إلى العزلة في قصره؛ فلا يزوره غير الجيران، وبينهم فتى يدعى جان داغير، وهو من النبلاء، وله مزرعة يتولى إدارتها بنفسه ويعيش من ريعها، وهي كل ما يملك.
كان هذا الفتى ذكي الفؤاد كثير المطامع والدهاء، لا يبحث إلا عن ثروة تعينه على الاسترسال إلى الملاهي، ولكنه على فرط دهائه لم يوفق إلى نيلها.
أما والد مرسلين فقد كان إيراده السنوي من مزارعه أربعين ألف فرنك، فكان جان يقول في نفسه: إن مرسلين غنية وجميلة، وقد بلغت سن الزواج وأنا في مقتبل العمر، ونحن متكافئان في النسب، فلماذا لا أكون ذلك الزوج؟
Bilinmeyen sayfa