والأسلاف والكبراء والاتكاء على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها؟
فشرع الكليني في إثبات عدم جواز البقاء على الجهالة في أمور الدين، ووجوب التعلم والتبصر في معالم الدين، وأنهم مأمورون باتباع الحق والسؤال عن العلماء، ووجوب التفقه في الدين، واستدل بذلك بالأدلة العقلية والنقلية.
ثم ذكر ما ذكره السائل من أن أمورا قد أشكلت عليه لا يعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها، وأنه لا يجد عنده عالما يثق به يرجع إليه ويذاكره في ذلك، وذكر أنه يجب أن يكون عنده كتاب كاف يجمع جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدي الفرائض والسنن.
فقال الكليني: فاعلم - يا أخي - أرشدك الله، أنه لا يسع أحدا تميز شئ مما إختلف الرواية فيه عن العلماء (عليهم السلام) برأيه، إلا على ما أطلقه العالم بقوله (عليه السلام): أعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله عز وجل فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه. وقوله: دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم. وقوله (عليه السلام): خذوا بالمجمع عليه فإنه لا ريب فيه. ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم (عليه السلام) وقيول ما وسع من الأمر فيه بقوله: بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم، وقد يسر الله - وله الحمد - تأليف ما سألت، وأرجوا أن يكون بحيث توخيت... أي تحريت وقصدت... الخ.
وحيث أنه سأله كتابا كافيا لجميع فنون علوم الدين، ما يكتفي به من أراد به علم معالم الدين، أصولها وفروعها، يجمعه من الآثار الصحيحة، وسد للسائل طريق الظن وغير العلم، وألزمه الملازمة بالتفقه والورود في طريق العلم وأهله، فجاءه بكتاب كاف، جامع لجميع فنون علم الدين،
Sayfa 52