8
وأطعنا النصيحة التي قيلت لنا: إن خلع أحذيتنا وتركها عند المدخل سيعرضها للسرقة؛ ولذا كان علينا بعد دخولنا الغرفة مباشرة، أن نرص الأحذية التي كان كل منا يدليها من يده، فوق النافذة ذات الإفريز التي في عمق الغرفة. كان من دخل الغرفة؛ باستثناء الشقيق، أربعة فقط؛ لأن الدليل دخل مكتب الاستقبال للتحدث مع الموظف هناك، كان فراش نوم قديم جدا يغطي أرضية الغرفة، فجلسنا وظهرنا للجدار وركبنا تصطدم بعضها ببعض.
علق على الجدار صورة بالألوان لولي العهد يرتدي الملابس الرسمية وزوجته ترتدي ديكولتيه أثناء استقبالهما لزعيم دولة أجنبية، وأسفل الصورة مرآة حائط ملصق بها رف صغير. وعند النظر إلى أدوات طلاء الأظافر والأمشاط النسائية، كان من الواضح أن شخصا آخر يسكن هذه الغرفة؛ هي أم الرضيع. وعلى الجدار المقابل علق فستانها؛ به تصميم كرات مائية. - «إنه ينام نوما عميقا.»
أخيرا فك الشقيق الحبال وأنزل الرضيع من على ظهره ووضعه في الفراش. كان رضيعا بوجه عابس تبدو عليه أعراض نقص التغذية، ولم أكن أنا فقط الذي قلق من ذلك بل أكيمي أيضا؛ التي مدت يدها دون وعي بصفة وظيفية، ولكن تلك اليد دفعت بغلظة. - «لا تلمسي طفلي بإصبع من أصابعك .»
وسط ذلك الجو المشحون بالتوتر، كنت على الدوام أراقب ردود أفعال ريكو. كانت منكفئة على نفسها بجوار الحائط تطيل النظر بثبات إلى الطفل الرضيع النائم في هدوء وسكينة بين الكبار.
وعندما أتذكر تلك اللحظة، فإنني حتى الآن، لا أستطيع أن أمحو انطباع الغرابة الذي شعرت به وقتها؛ حيث ذكرني بلوحات ميلاد المسيح في إسطبل الخيل. هذا المكان أيضا شبيه بإسطبلات الخيل؛ ضيقا ورائحة كريهة، إنه المكان الأكثر بشاعة ووضاعة لإقامة البشر، ناهيك عن طفل حديث الولادة! كنا كلوحة ملونة دقيقة رسمت في العصور الوسطى، أشخاصها محتشدون في مكان ضيق، نراقب الرضيع النحيف بأنظارنا، كالسيدة العذراء ويوسف الأب الذي لا يعلم شيئا، وفرسان الشرق الثلاثة والملائكة في الإسطبل الضيق. والمصباح العاري ينير أركان الغرفة الضيقة بضوء صريح بديلا عن الهالات المقدسة. لم نكن نضم أيادينا تعبدا للطفل الرضيع، ولكن كنت، أنا على الأقل، أنظر بالتبادل إلى وجه ريكو الجانبي الوضاح الخالي تماما من المساحيق، ونظراتها القوية الجميلة التي تصبها بثبات على الرضيع بعد أن خلعت النظارة الطبية بالفعل، وأقارنه بوجه الرضيع الضعيف النائم الذي يغمز بجفونه أثناء نومه، ويحدوني الأمل في قوة روحية ساحرة تقع خارج حدود العلم.
كان الجميع يعلم أن هذا المكان هو قاع العالم الإنساني. وعلى ما يبدو فإن المكان به براغيث مثل إسطبل الخيل، فكانت أكيمي تحرك أقدامها بلا توقف تحت تنورتها. ماذا اكتشفت ريكو هنا؟ تلك الأنثى التي استمرت في تدمير نفسها بنفسها بلا توقف من خلال الاهتمام الجنسي، تمتلك مقدرة عجيبة على تحويل القبيح إلى مقدس، شعرت بذلك عند موت خطيبها من قبل، ولكنني لأول مرة أكون شاهدا على فعلها ذلك على أرض الواقع.
بدأ الشقيق يتحدث بهيستيريا كأنه يقاوم الجو المريب للجلسة فقال: «ماذا تريدين أن تسألي؟ أي شيء تريدين السؤال عنه سأتحدث إليك عنه، ثم اتركيني وشأني بعد ذلك في هدوء. على الأغلب تفهمين كيف أقتات عيشي، أليس كذلك؟ أن يراعي رجل رضيعا هكذا ويقضي طوال اليوم بلا هدف ...» - «بمعنى أن شقيقة هذا الطفل هي التي تعمل، أليس كذلك؟» - «ماذا؟»
انتبهت ريكو لخطئها في القول، فتوردت وجنتاها؛ كان خجلها كأنها نطقت بأشد كلمات هذا العالم بذاءة بما لا يتناسب مع مثل هذا الخطأ البسيط في القول. ثم كررت القول الآتي بطريقة خرقاء للغاية: «بمعنى أن والدة هذا الرضيع هي التي تعمل، أليس كذلك؟»
هذا الخطأ في القول المريب جدا، جعلني أنظر لحظيا إلى وجه ريكو، ولكنني لم أفهم معناه. استمر الأخ يتحدث بلامبالاة. «بلى، تقف في الطرق صيفا وشتاء. ويفترض الآن أنها تقف على قارعة طريق في مكان بعيد جدا، ولكنني لا أستطيع أن أقول أين؟» - «آه!»
Bilinmeyen sayfa