دخلت معه غرفة التحليل النفسي وحكيت له ما حدث بالتفصيل. إن حدس المرأة شيء مرعب، فقد باتت أكيمي في منتهى الرقة وطيبة القلب، واتضح ذلك من إرشادها لريوئتشي حتى الغرفة، ومن التعامل معي منذ ليلة أمس، وكان وجهها يمتلئ بابتسامة مريحة للنفس، تلك التي كانت تتميز بها في الماضي.
سمع الشاب ريوئتشي الحكاية من البداية للنهاية، وليس فقط أنه لم يظهر اعتراضا على ماضي ريكو بل على العكس ظهر عليه التعاطف، مما جعلني أثق في كبر قلب ذلك الرجل أكثر وأكثر. - «ماذا تنوي أن تفعل بعد ذلك يا دكتور؟ إنني على أتم الاستعداد للمساعدة بكل ما أستطيع.» - «أنوي البحث عن شقيقها وترتيب مواجهة بينهما في وجودنا، أنا وأنت!» - «ماذا؟ هذا فعل خطير ...» - «ما من وسيلة غير ذلك، حتى وإن كانت خطيرة.» - «ولكنه رجل لا يعرف له عنوان ...» - «حقا! تلك هي المشكلة ...»
كيف يمكن البحث عن شقيق ريكو والعثور عليه في مدينة كبرى يسكنها عشرة ملايين نسمة؟ لم أكن أملك خطة بصفة خاصة ولكن في النهاية جاءت الفرصة التي لا يمكن توقع حدوثها من المجهول.
39
بعد التحليل النفسي الحاسم السابق ذكره، بدأ يظهر تأثير جيد على حياة ريكو المعيشية.
فبدأت ريكو تعيش حياة تليق بالمرأة العاملة - في المظهر الخارجي على الأقل - التي جاءت من الأقاليم، وتعيش حياة متحفظة استعدادا للزواج. وغيرت من حياتها المندفعة التي كانت تشبه حفلات شيطانية مستمرة. توظفت في شركة بفضل رعاية ريوئتشي، وبحثت عن مسكن للإيجار وسكنت فيه. وكان من الجيد لكليهما فيما بعد أنهما لا يعملان معا في شركة واحدة؛ ولأنه ليس من اللائق أيضا أن يعيشا في بيت واحد بدون زواج، وكان تطورا إيجابيا أن أنصحهما بضرورة أن يقررا أن يعيشا منفصلين انفصالا تاما. وبالتأكيد أستطيع أن أكون على يقين تام الآن أنني ليس لدي أي قدر من الغيرة في نصيحتي تلك.
لم تكن براعة ريكو العبقرية في الكذب والخداع، فقط تجاه العلاج بالتحليل النفسي، بل جعلت والديها في مدينة قوفو أيضا طوع بنانها بالكامل. لقد مرت أربعة أشهر حتى الآن منذ أن عادت إلى طوكيو بعد وفاة خطيبها أثناء تلك الشهور الأربعة، ومع حدوث تلك التفاصيل مع الشاب هاناي، فإنها استمرت في كتابة الرسائل وإرسالها إلى والديها بلا انقطاع.
مثل تلك المرأة تملك أصدقاء كثيرين، ولذلك استخدمت ريكو تلك الظروف بمهارة شديدة للتحجج في عدم إعلام والديها بمكان سكنها الحقيقي في طوكيو، وخدعت صديقة من مرحلة الدراسة طيبة القلب، وجعلت الأمر كأنها تقيم معها في بيت عائلتها؛ وكانت تتلقى من خلالها الرسائل والتحويلات المالية التي يرسلها أهلها بل واستمرت في ترتيب كل شيء وعمل كل ما بوسعها من أجل ألا يقلق الوالدان عليها فيأتيان إلى طوكيو لزيارتها. كان ذكاؤها هذا في تدبير الأمور يصيبني بالذهول، ولكنني فضلت ألا أخبر الشاب المستقيم ريوئتشي بوجود مثل ذلك الوجه من وجوه ريكو. لا فرق بين الذكر والأنثى في القدرة على المغالطة بمختلف الخدع والحيل من أجل تجربة جنسية يرهن عليها وجوده كله. ولكن مثل تلك الخدعة التي لها هدف خالص مثل هذا، ليست بالضرورة برهانا على عدم إخلاص ذلك الإنسان. وذلك مثل أن يكون رئيس أركان عسكري شهيرا بالخداع والمؤامرات، وهو في نفس الوقت أب فاضل وزوج رائع؛ فمثل تلك الأكاذيب التي تكذبها ريكو، لدرجة عدم وجود أي ضرر منها للشاب ريوئتشي، عمقت ثقتي بالمريضة، وفي نفس الوقت لا أستطيع إلى حد ما، أن أنفي تماما أن ذلك يمكن أن يكون مادة لنفي وإزالة شهوة مؤقتة عندي في الاحتفاظ بسر من أسرارها لا يعرفه الشاب ريوئتشي.
في الرسائل التي استمرت في كتابتها إلى والدها، كان بها دائما الجملة الآتية: «أرجو منك أن تتركني بمفردي وقتا أكثر. فإنني إن رأيت وجه أبي وأمي الآن، ستتجدد أحزاني وتستيقظ، وأخاف أن أعود إلى ما كنت عليه. إن أفراد العائلة التي أقيم معها يعاملونني بحنان ولا حاجة للقلق. وتتجه حالتي النفسية للتحسن بلا أدنى شك. يتبقى الصبر لبعض الوقت. ومن المؤكد أنني أثناء ذلك سأستطيع رؤية وجهك المشرق الحبيب، وحتى يحدث ذلك أرجو منك تركي في هدوء. وسأواصل التراسل معك. وإن حاولت أن تقابلني الآن عنوة سيحدث ما لا تحمد عقباه ولا يمكن إصلاحه ... ثم بخصوص الحوالات المالية، فالمال ضروري لأي شيء يمكن عمله من أجل الترويح والتسرية عن النفس، أرجو منك أقصى كمية يمكن إرسالها، أرجوك!»
لو كان الأبوان يعيشان في طوكيو فلا يمكن خداعهما بمثل هذه الحيلة، ولكن في الأقاليم عدد الأسر الغنية التي يقبلون مثل هذا الطلب من بناتهم ليس قليلا. وخاصة بعد موت خطيبها، فإنهم يتعاملون معها بحرص كأنهم يلمسون جرحا غائرا.
Bilinmeyen sayfa