جاء موسم المطر، وبعد شهر مايو الذي استمرت فيه الأيام المشمسة بأشعة شمس قوية كأنه ذروة الصيف، وارتفعت الرطوبة يوميا واستمر طقس غير واضح المعالم. وتختلس الشمس النظر من بين الغيوم، ثم تتوارى بلون أرجواني.
جاءني اتصال هاتفي من ريوئتشي إغامي، كم شهر مر من آخر لقاء معه! سمعت ذلك الصوت العميق وأحسست أنه يتظاهر برباطة جأش، وكان مؤدبا تأدبا غير طبيعي، وعرفت على الفور أن السبب محاولة ذلك الشاب النشيط إخفاء خجله. - «أنا إغامي. ريوئتشي إغامي. هل تتذكرني؟ إنني زرتك مرة من أجل موضوع ريكو يوميكاوا.» - «أجل، أتذكرك بالتأكيد.»
فيما يتعلق بأسماء المرضى، لست من أصحاب الذاكرة الحديدية، ولكنني في موضوع ريكو يوميكاوا فقط أحفظ كل الأسماء جيدا. ولذا ما من ضرورة لكي يشرح كل ذلك الشرح.
بدأ ريوئتشي الحديث بغمغمة قائلا: «إنني كنت أفضل أن أزورك وأتحدث إليك مباشرة. ولكنني سأقول لك ملخص الموضوع فقط على وجه السرعة. إن ريكو يوميكاوا في حالة سيئة جدا. فهل نطمع أن تكشف عليها كشفا مستعجلا؟»
غمغمت أنا أيضا وقلت: «ماذا حدث؟ ... قل لي ما الذي حدث؟» - «إنه أمر يصعب قوله في الهاتف. ولكنني سأتجرأ وأتحدث بقدر الإمكان. ألا تمانع أن تطول المكالمة؟»
قلت له: «لا مانع.» وأنا أفكر متعجبا من موقفه الرزين هذا، مقارنة بأول مرة جاء فيها صارخا بغضب. - «حقا لقد شعرت بالغضب والتوتر في المرة الأولى التي عادت فيها ريكو إلى قوفو فجأة، وظللت مدة متأزما أشعر بالغضب من أي شيء أراه. واستمرت حياتي في حالة فوضى عارمة، فأقمت علاقات عديدة مع فتيات هنا وهناك على سبيل الاعتراض والمقاومة. وهكذا كانت حالتي النفسية تهدأ عندما أكون فيها مع إحدى النساء فقط، ولكن عندما أتذكر ريكو أشعر في كل مرة كأن كرامتي سحقت بمكواة حديدية، فأفقد مجددا ثقتي بنفسي التي استعادتها. وإن قيل لي إن ذلك دليل عشقي لها، فلا مانع من ذلك، ولكن الحقيقة أنني حاولت خلال تلك الستة الأشهر أن أنساها. لم يأت أي اتصال منها ولا أعرف أهي في قوفو أم في طوكيو؟ فكرت أنني لو سألتك يا دكتور ربما أمسك بطرف الخيط، إلا أنني لم أستطع إرغام نفسي على الاتصال بك.
ولكن ألا يدعو ذلك للعجب! أمس ذهبت بعد العمل مع إحدى الفتيات إلى صالة رقص، وبعد أن أوصلت الفتاة لبيتها في وقت متأخر من الليل، ثم عدت إلى بيتي، وجدت ريكو أمام عمارة سكني واقفة ممسكة بحقيبتها.
فكرت أن أتجاهلها ولكن كان ذلك حرودا لا يليق بالرجال؛ لذا تحدثت إليها بلا مبالاة قائلا: «أهلا، ماذا حدث؟»]
كان وجهها تحت عمود الإضاءة بلون شديد الزرقة، وشاحبا لدرجة مرعبة. ليس هذا فقط، بل كانت الرجفة الخطرة تسري في خديها، وكنت أنتظر بصبر وأناة ردها، فلم تنطق بكلمة واحدة، وبدلا من الرد فاضت الدموع من عينيها فجأة.
سألتها مرة أخرى بدون أن أشعر بالغضب لدهشتي: «ماذا حدث؟!»
Bilinmeyen sayfa