Yabancılarla Sorunlar: Etik Felsefesi Üzerine Bir Çalışma
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
Türler
الجزء
سيادة النظام الرمزي
تمهيد: النظام الرمزي
يعد الانتقال من النظام الخيالي إلى النظام الرمزي انتقالا من الدائرة المغلقة للأنا وأشيائها إلى المجال البين-ذاتي المفتوح.
1
إن الأخير هو الذي يمنحه لاكان اسم الآخر الكبير، فالإنسان، بعد نزعه من حالة الارتباط بالآخر/الأم مع ظهور الاختلاف في صورة اسم الأب، يجب أن يتخلى عن استمتاعه بجسد الأم في ظل ألم الإخصاء، فعليه أن يدفن هذه اللذة القهرية، من أجل أن يحتل مكانه في بنية الأدوار والعلاقات التي يسميها لاكان بالنظام الرمزي. من الممكن القول إن وظيفة النظام الرمزي، مثل سر التناول المسيحي، هي تحويل اللحم والدم إلى رمز، فالذات يفترض بها الآن أن تتطابق مع مكانها ذي الدلالة في إطار الشبكة المسبقة للعلاقات الاجتماعية.
ولكن - وبما أن مصدر الإشباع صار محرما على الذات الآن - فسيصيبها الفراغ نتيجة هذا المنع، وتتحول إلى اللاوجود الدائم الذي نعرفه بالرغبة. وفي بحثها عن الإشباع، تنقسم الذات وتتشتت، وتتعثر في رمز أو شيء تلو الآخر، في سعي مصيره الفشل نحو اكتمال للوجود مستعص دائما، اكتمال ليست هذه الرموز أو الأشياء في ظله سوى بديل. وبما أنه لا يوجد دال فوقي - أي لا كلمة تعبر في كشف إعجازي ما عن كينونة الذات ككل - فإن الذات تتفلت من خلال الفجوات بين الدوال المختلفة؛ فالذات قد تعي هذا المعنى المحدد أو ذاك؛ لكن على حساب خسارة كارثية لكينونتها؛ إذ يمكنها أن «تعي» معنى ما؛ لكن ليس إلا على حساب تلاشي وجودها «الكامل» من خطابها ذاته، فلا يوجد دال يمكن أن يمثل على نحو ملائم الذات التي تستخدم الدوال ولا المكان الذي يفعل هذا منه.
إذن، فالذات مستبعدة من سلسلة الدلالة وممثلة فيها في نفس الوقت؛ فلأنها لا يمكن أن تكون حاضرة بالكامل أمام نفسها، فلم يعد من الممكن أن تعرف بصفة مباشرة أفضل من مصطلح كانط سيئ السمعة «الشيء في ذاته»، فلا يمكن رصد وجودها إلا سلبا، أي في النقص الذي يكمن في قلب اللغة. ومن هذا المنطلق فإن دخول الذات إلى النظام الرمزي هو نوع من السقوط السعيد؛ إذ لا يمكنها أن تثبت هويتها من سبيل مختلف، إلا أن الثمن الذي يجب أن تدفعه مقابل هذه الهدية الثمينة يشوهها لبقية حياتها كما هو حال أوديب، فعليها أن تبحث عن هويتها لا في مرآة نفسها، بل في ظل اختلاف، في ظل حقيقة أن كل موضع في النظام الرمزي (الأب والجدة والأخ والأخت وغير ذلك) تشكله علاقاته مع المواضع الأخرى، كالكلمة التي لا تكمن أهميتها سوى في موضعها في سلسلة من الاختلاف. لا يعني هذا أن عالم النظام الخيالي قد هجر تماما، فالذات - على العكس - صارت منقسمة بين الأنا، بكل روابطها النرجسية بالأشياء، وحقيقتها - باعتبارها كائنا دالا - التي تكتسبها من خلال تسليم نفسها إلى الآخر الكبير، أو مجال اللغة في مجمله، فعليها تقبل أن حقيقتها تكمن في إبقاء الآخر الكبير، لا فيما تؤكده في تضليل عن نفسها. وبما أن الوصول الكامل إلى الآخر الكبير متعذر، فكذلك الحال مع حقيقة هويتها الخاصة؛ إذ لا يمكنها أن تتأكد من أن كينونتها أمام نفسها تتفق مع كينونتها أمام الآخر الكبير. إن اللاوعي يولد في هذا التفاوت أو اللبس؛ فكينونتي ستظل تتجاوز حدود إدراكي.
لا يحدث أي من هذا دون عناء، فوجود الذات يعني كذلك أن نتشكك في مكاننا في نظام الآخر الكبير، وأن نجد أنفسنا غير منسجمين معه، وأن نرفض أن ننخدع بالرسائل المبهمة المشوهة المعقدة التي يرد بها على تساؤلاتنا الملحة («من أنا؟» و«ماذا أفعل؟» و«ماذا تريد مني؟») فنحن لا نألف تماما هذا النظام المجهول الهوية، و«الفائض» بداخلنا الذي يعجز الآخر الكبير عن استيعابه هو نفسه جوهر ذاتيتنا، فالنظام الذي يكون الذات يقصيها كذلك؛ لذا فإن ما نمر به عندما نصل إلى ما نحن عليه هو نوع من الاغتراب الذاتي. لكن إن كان جوهر الذات غريبا ومستغلقا جدا، فهنا بالتحديد تجد الذات نفسها متماثلة مع نظام الآخر الكبير غير المفهوم هو الآخر.
لا يقتصر النظام الرمزي على الاختلاف بل يتعداه إلى الإقصاء والمنع، فلا يمكنك مثلا أن تكوني ابنة وزوجة لنفس الرجل، فهو عالم من القواعد والتشريعات، على عكس طبيعة النظام الخيالي المتعددة الأشكال؛ فروابط النظام الخيالي المباشرة تفسح المجال للقوة اللاشخصية للقوانين الكونية، بينما تفسح المعرفة البديهية المجال للمعرفة غير المتوقفة على الذات وهي العلم أو النظرية، «فالمضمون» - جسم الأم - عند الطفل الأوديبي يجب أن يأتي ثانيا بعد «الشكل»، قانون أبوي لا يتمثل إلا في منع أجوف؛ لكن فقط بالخضوع لقانون الإخصاء هذا أو الأنا العليا يمكن للفرد أن يحتل مكانا ذا دلالة في نظام القرابة؛ ومن ثم يصبح ذاتا؛ فالعقدة الأوديبية تعاد صياغتها في إطار سيميائي؛ إذ إن الذات لا يمكنها أن تكون مستقلة باعتبارها كائنا متحدثا فاعلا مستقلا في الظاهر إلا من خلال وضع قيود صارمة على نفسها وكبت رغبتها المحظورة وهجر متعتها في شعور بالذنب. فالمتعة أو الاستمتاع بجسم الأم - كما يبين لاكان - محرم على الذات؛ فالذات منقسمة إذن بين القانون والرغبة، وإن كان يتوارى في قلب النظام الخيالي، كما سنبين لاحقا، جدل معلق بين الاثنين يعرف بالنظام الواقعي.
Bilinmeyen sayfa