363

بالإمامة حين يختاره المسلمون لها، ويبايعونه بها، فتكون أولويته المنصوص عليها يوم الغدير مآلية لا حالية، وبعبارة أخرى تكون أولوية بالقوة لا بالفعل، لئلا تنافي خلافة الأئمة الثلاثة الذين تقدموا عليه؛ فنحن ننشدكم بنور الحقيقة، وعزة العدل، وشرف الانصاف، وناموس الفضل، هل في وسعكم أن تقنعوا بهذا لنحذوا حذوكم وننحو فيه نحوكم، وهل ترضون أن يؤثر هذا المعنى عنكم، أو يعزى إليكم، لنقتص أثركم، وننسج على منوالكم؟ ما اراكم قانعين ولا راضين، وأعلم يقينا أنكم تتعجبون ممن يحتمل ارادة هذا المعنى الذي لا يدل عليه لفظ الحديث، ولا يفهمه أحد منه، ولا يجتمع مع حكمة النبي ولا مع بلاغته صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مع شيء من أفعاله العظيمة، وأقواله الجسيمة يوم الغدير، ولا مع ما أشرنا اليه سابقا من القرائن القطعية، ولا مع ما فهمه الحارث بن النعمان الفهري من الحديث، فأقره الله تعالى على ذلك ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والصحابة كافة.

على أن الأولوية المآلية لا تجتمع مع عموم الحديث، لأنها تستوجب أن لا يكون علي مولى الخفاء الثلاثة، ولا مولى أحد ممن مات من المسلمين على عهدهم كما لا يخفى، وهذا خلاف ما حكم به الرسول حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا بلى، فقال من كنت مولاه يعني من المؤمنين فردا فردا فعلي مولاه من غير استثناء كما ترى. وقد قال أبو بكر وعمر لعلي (1) حين سمعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول فيه في الغدير ما قال «أمسيت يا بن أبي طالب مولى كل مؤمنين ومؤمنة» (2) ، فصرحا *** 353 )

Sayfa 351