مال الكشافة الصغير إلى الأمام، ومد يديه، اللتين كالعادة لم تكونا في غاية النظافة، وضم كفيه، وأسقطهما بين ركبتين بدتا كأن صاحبهما يخدم في الجيش وكان يزحف على الأرض مؤخرا. ثم على نحو مفاجئ التفت نحو جيمي بوجه صغير يقظ ذي عينين مستغرقتين في التأمل.
قال الكشافة الصغير: «فلتخمن أول سؤال طرحته على الإطلاق على سيد النحل بشأن النحل؟» «لعلك قلت: «لماذا تربي النحل؟».» قال جيمي على سبيل التخمين.
ببطء تحرك الرأس الصغير الذي لفحته الشمس فأكسبته لونا بنيا دلالة على النفي.
وقال: «كلا! إجابة بعيدة كل البعد!» وتابع: «لم تقترب من الصواب ولو قليلا. أول سؤال سألته مطلقا كان: «لماذا حديقة النحل زرقاء؟» وسأضطر إلى إخبارك بالجواب لأنك لن تحزره أبدا ولو بعد ألف سنة. الإجابة هي: «إنها إرادة الخالق».»
وشى وجه جيمي بالدهشة التي اعترته. فقد تغضن حاجباه لاستغراقه في التفكير، وضاقت عيناه. ثم حدق في الكشافة الصغير وأعاد قوله بهدوء: «إنها إرادة الخالق؟»
قال الكشافة الصغير: «أجل.» ثم أضاف: «ذلك ما يجعل النحل مثيرا جدا للاهتمام. إن نصف الأشياء التي سيتوجب عليك أن تتعلمها ترجع إلى إرادة الخالق، وسبب زرقة حديقة النحل هو أول شيء على الإطلاق. والآن أصغ بينما أخبرك بالسبب.»
بيد مرفوعة إيذانا بالصمت، أعاد الكشافة الصغير بتأن وجدية التفسير الذي تلقاه كإجابة عن السؤال الأول الخاص بالنحل. «إن حديقة النحل زرقاء لأن الأزرق هو «اللون المثالي»، والنحل مثالي أكثر من أي حشرة أخرى من حيث الأسلوب الذي يعيش به، وهو الحشرة الأكثر قيمة بسبب العمل الذي يؤديه، ومن ثم يفترض أن الأزرق هو أكثر الألوان التي تروق له، وهو كذلك! إن كنت لا تصدق، فراقبه. أما السبب فإنه كلما اقتربت الحشرة من المثالية كان اللون الذي تحبه مثاليا، والسبب وراء ذلك أن الله خلقها على هذه الصورة!»
رمق الكشافة الصغير جيمي بنظرة متفحصة، فلم يبد على وجه جيمي انطباع محدد.
قال الصغير متجاسرا: «أعتقد أنك لم تفهم الأمر. حسنا، تمهل دقيقة وسوف تفهم. أول ما عليك تعلمه هو بعض الأرقام. لأنك كبير، وربما ذهبت إلى الجامعة، يجدر بك أن تتعلمها إذا استطعت. أحد الأسباب أن هناك أربعة آلاف وخمسمائة نوع مختلف من النحل. هذه نقطة لا بد أن تتذكرها. السبب الآخر أن هناك مائة ألف نوع من النباتات التي لن تبقى حية إذا عصف بهذا النحل أو احترق أو لحق به ما شابه ذلك؛ لأن النبات، كما تعرف، لا بد أن ينمو حيث تحمل الرياح بذوره أو تبذرها الطيور أو السناجب، وإذا كان هناك نبات ذكر ونبات آخر أنثى، فلا يمكن أن يتحركا ويذهب أحدهما إلى الآخر ليتزوجا ويجعلا بذورهما تثمر، أليس كذلك؟ من ثم لا بد أن يكون لديهما شيء ليحمل حبوب اللقاح بينهما وينتج البذرة الملقحة.
وإليك الآن شيئا لتتذكره بشأن النحلة نفسها ... لتكن النحلة العاملة؛ لأنها هي التي تحمل حبوب اللقاح. فلتتذكر أولا أن كل واحد من الأنابيب الصغيرة التي في أنفها به خمسة آلاف تجويف للشم؛ لذا لا عجب أن باستطاعتها تمييز من تنبعث منه رائحة غريبة. كما أن النحلة العاملة لديها ستة آلاف عين في كل جانب من رأسها؛ حتى ترى الزهور التي تريد أن تحصل منها على حبوب اللقاح والرحيق. كذلك لدى النحلة العاملة معدتان؛ واحدة صغيرة إلى الداخل لنفسها، وأخرى أكبر بكثير إلى الخارج من أجل الخلية . كذلك لدى كل نحلة عاملة على بطنها أربعة جيوب لإفراز الشمع، ولدى كل نحلة عاملة سلال على سيقانها لتجمع فيها حبوب اللقاح، بجانب الرحيق الذي تحمله في معدتها من أجل الخلية. ولدى كل منها إبرة حادة بإمكانها استخدامها إن لم ترق لها رائحتك، أو إن اعتقدت أنك ستؤذيها أو ستفعل شيئا لا يجدر بك فعله في الخلية. وتجد كل واحدة منها مغطاة بشعر طويل بالنسبة إلى نحلة، وتجده كذلك ناعما غضا، وحين تهبط العاملات على ذكر زهرة السوسن للحصول على رحيق من أجل معدتيها ولملء سلال اللقاح، يمتلئ الشعر الذي يغطيها باللقاح هو الآخر، وعند خروج النحل لجمع الرحيق واللقاح لا يخلط أبدا بين زهرة وأخرى، وهذا هو القانون؛ إنها مشيئة الخالق. فإذا بدأ بزهور السوسن، استمر في الذهاب إلى زهور السوسن حتى النهاية. تستطيع الآن تصور الأمر، أليس كذلك؟ حين تحصل النحلة العاملة على اللقاح من ذكر زهرة السوسن في جميع أنحاء شعرها ثم تذهب لتحصل على اللقاح من أنثى زهرة السوسن، يتناثر اللقاح من الشعر لينتج البذرة المهمة؛ لأن النحل يزاوج بين الزهور. وذلك سبب آخر بجانب العسل يجعل النحل مفيدا.
Bilinmeyen sayfa