171

صفقت المدرسة. ثم سألت: «ومن هو مؤسس بلدكم؟»

كان الياباني الصغير يعلم فقال: «جورج واشنطن.» «ومن رئيسنا؟»

هتف الصغار اليوناني والإسباني والصيني في فم واحد: «ألفين أوليدج (كالفين كوليدج)!» فضحكت المعلمة وصفقت مرة أخرى.

في هذه الأثناء اجتمع حشد كبير. إذ احتشد أطفال بوجوه ذات بشرة فاتحة وراحوا يستمعون ويتطلعون. ومر أناس كبار أمام وخلف المجموعة المكونة من واحد وعشرين شخصا، حسب إحصاء جيمي. لكنهم ظلوا يباشرون شئونهم من دون إبداء أي اهتمام. وفتحت المعلمة كتابا بحجم أطلس المدرسي، وتناولت قلما وشرعت ترسم.

في حركات آلية، انتهى جيمي من الطماطم، ومسح سكينه في الرمال ثم في ساق سرواله، وأغلقها وأعادها إلى جيبه. ثم نهض وسار على الشاطئ حتى صار على بعد ثلاث أقدام من ظهر الفتاة التي كان يعرفها ووقف ينظر من فوق كتفها بصحبة عدة أشخاص آخرين.

كانت الفتاة قد رفعت إحدى ركبتيها إلى جسدها ووضعت عليها الكتاب الكبير. بينما تمددت الساق الأخرى على الرمال بمرونة وراحة. وانحنى رأسها وهي ترسم بيدها اليمنى بحركات سريعة دقيقة ما ظنه جيمي رسما كروكيا لجسد رجل. حين انتهت من العمل بما يكفي لتبدو الأعضاء الرئيسية واضحة ، وضعت القلم على الرأس المستدير، وفي الحال لمس أغلب الأطفال رءوسهم وهتفوا: «رأس!» ثم انتقلوا لأسفل الجسم، ذاكرين العنق والكتفين والذراعين واليدين والجسم والركبتين والقدمين. ثم عادت بالقلم إلى الرأس وبدأت ترسم عليه خطوطا واقفة فرفع كل واحد من الصغار يده أو يدها إلى رأسه أو رأسها وصاح: «شعر!» ثم جاءت الجبهة والحاجب والعينان والجفنان والأهداب، وعندئذ كانت المعلمة مع ذكر اسم كل جزء من الوجه ترسم خطا ممتدا لهامش الورقة ينتهي بدائرة وداخل تلك الدائرة تكتب بخط واضح جدا: «أنف». «عين». «أذن». كان كل ملمح من ملامح الوجه يرسم ويكتب اسمه.

لاحظ جيمي مع تقدم هذه العملية من الأذنين إلى أسفل أن الفراغ الذي خصص للفم كان كبيرا. وقف شبه منقطع الأنفاس وهو يشاهد كتابة لثة في دائرة الفم، ثم الأسنان وسن واحدة. كان صوت المعلمة العذب يكاد لا ينقطع. وقد فتحت فمها فكشفت عن أسنان قوية في بياض الحليب. ومرت بممحاة القلم الرصاص عليها لتشير إلى أنها جميعا أسنان. فكشف كل الأطفال عن أسنانهم ومروا بأصابعهم عليها وصاحوا: «أسنان!»

ثم لمست إحدى أسنانها الأمامية وقالت: «سن»، ورفعت إصبعا واحدة وأشارت إلى سن واحدة. فأشار كل الأطفال الصغار ذوي البشرة البنية إلى سن «واحدة». أخرجت لسانها، وهي تضحك، لسانا في غاية التورد ينطق بالصحة، لا أثر لصفار على امتداده، فأخرج كل الصغار ألسنتهم وضجوا بالضحك وسريعا ما شرع كل منهم يتلاعب بملامح وجهه للآخر. وقد أغاظ إزادور الطفل المكسيكي بعد أن افتعل وجها قبيحا جدا حتى إن المكسيكي رماه بحفنة من الرمال ونشبت مشاجرة على الهامش. بينما جلست المعلمة تشاهدهما وهي تضحك. ثم علا صوتها لتدعوهما للهدوء. ونطقت كلمة «لسان» نطقا شديد الوضوح، فظل الصغار يظهرون ألسنتهم وهم يقول بعضهم لبعض إنها ألسنة. ثم رسمت لسانا داخل فم الشكل الذي صاغته، ومن طرفه جرت القلم حتى الهامش ورسمت دائرة أرادت أن تكتب بداخلها الكلمة.

في تلك الأثناء ثارت خلفها حركة غاية في الخفة. إذ جثا شخص على ركبتيه وراءها . ثم امتدت يد كبيرة بنية اللون من فوق كتفها وقبضت بإحكام على يدها وهي تمسك القلم، وأمسكت بها في قبضة لا خلاص منها، وبوضوح شديد انكتب في الدائرة التي كانت قد رسمتها، كلمة صغيرة قبيحة مكونة من أربعة حروف. وأجبرت على كتابتها ثلاث مرات أخرى، وتحت الأولى وضع خط واضح، وتحت الثانية خطان، وتحت الثالثة ثلاثة خطوط، عريضة جدا وسوداء. كانت الكلمات التي كتبت:

ثم حررت يدها. وصار لها حرية استئناف درس مادة التربية القومية الأمريكية.

Bilinmeyen sayfa