160

وبعد أن أصبح له دخل، وأصبح مطمئنا لأنه لن يقع مرة أخرى تحت رحمة الحكومة أو الناس، فقد أقدم جيمي على الاشتراك في ست من أكثر المجلات الكبرى التي أثارت اهتمامه، وقد جلبت إليه قصصا رائعة عن العالم الذي ظل مدة طويلة فاقدا الاتصال به. وكانت بعض الأشياء التي جلبتها مسلية وتثقيفية جدا، والبعض الآخر مزعجا، مما جعله يشرع في التساؤل عن الاتجاه الذي سيأخذه بلدنا، وما المتوقع على وجه التحديد كنهاية للبدايات الفريدة التي حدثت. ومن بين الأشياء التي اطلع عليها، والتي بدت مقبولة ويكتب عنها من حين إلى آخر وتذاع في العالم مطبوعة ومنطوقة، ما جعل وجنتيه تشتعلان وألهب مكامن روحه الاسكتلندية.

وعندئذ بدأ يحمل في صدره شعورا بأن الوقت قد حان ليخرج إلى العالم، ويحطم قيود الأمان والسلام التي ربطته بالحديقة، ويفتش عن الرجال الذين يؤسسون رابطة المحاربين القدامى التي يجدر به الانتماء إليها. وبدأ يستمع، في صباح أيام الأحد المتراخية الناعسة، لرنين أجراس الكنائس، ويتساءل إن كان من الممكن بأي حال من الأحوال أن يجد في مكان غير بعيد كنيسة بروتستانتية فيها قس من اسكتلندا بحيث يجد في صوته ولو أثرا خفيفا لحرف الراء المفخم المحبب إليه. وبدأ يشعر أنه قريبا جدا سيهم بالسعي بحثا عن هذه الأشياء.

وبينما هو منهمك يفكر في الأمر ذات صباح وصل بالخرطوم الذي يستخدمه لحوض من زهور البتونيا قبالة شجرة الجاكرندا مباشرة، فانحنى ليغمر بالماء جذور الزهور الزاهية. والتقطت أذناه المستكشفتان وقع أقدام مندفعة، وصوت البوابة تصفق، ولاح لناظريه الكشافة الصغير يتقدم نحوه مادا ذراعيه، بوجه مكفهر، وملابس ممزقة تمزيقا. فرمى جيمي الخرطوم وأسرع بذراعين ممدودتين. فأخذ في حضنه الجسد الصغير المرتجف وجلس برفق على المصطبة أسفل شجرة الجاكرندا وهو يضم الطفل، الجسد الذي جعل يتلوى ويرتجف، وقد جاشت نفسه، بينما تنهمر دموعه وتتدفق في سيل من كبر حجمها. كان جل ما في وسعه أن يلملم الصغير ويضمه وينتظر. شرع يملس بوجنتيه على الرأس الصغير وهو يهمس، بأفضل ما في وسعه، بكلمات لمواساته.

فقال بأنفاس متقطعة: «أيها الكشافة الصغير، عزيزي الكشافة الصغير، فلتخبر جيمي ما الذي آذاك هكذا؟ آه، ما الذي آذاك هكذا؟ أيها الكشافة الصغير، يا شريكي الصغير!»

وبعد ذلك على نحو مفاجئ ضم جيمي الجسد الصغير أكثر بين ذراعيه وتوغل بشفتيه في شعره حتى وصل إلى وجنته المتسخة، فأخذ يقبل الكشافة الصغير بكل ما في جسده من طاقة مرارا.

وهمس له قائلا: «يا حبيبي، يا أيها الصغير الحبيب العزيز؛ فلتخبر جيمي، أخبر جيمي بما حدث.»

وأخيرا، صدرت من الجسد الهزيل المحتشد على صدره همسة لاهثة: «من الذي أخبرك؟»

فقال جيمي: «لم يخبرني أحد بأي شيء. فلتخبرني أنت. ما الأمر؟ ماذا حدث لك؟ أين كنت؟ إن كان أحد آذاك ...» وهنا اندلعت ثورة في صدر جيمي، واشتعل في عينيه غضب متأجج. وتابع وهو يلهث: «هل مسك أي صبي من الصبية بسوء؟»

هز الكشافة الصغير رأسه بالنفي.

قال جيمي وهو يستحثه: «من إذن؟ ماذا؟» وأضاف: «إنني على أهبة الاستعداد لارتكاب جريمة قتل. فلتخبرني أين أذهب، وماذا أفعل!»

Bilinmeyen sayfa