فذكر فيهم المجنون حتى يفيق. والثاني البلوغ، وهو الاحتلام في الرجال أو بلوغ حده من الأعوام. واختلف في ذلك فقيل خمسة عشر، وقيل سبعة عشر، وقيل ثمانية عشر، والاحتلام أو الحيض أو الحمل في النساء، أو بلوغ ذلك أيضا من الأعوام. والدليل على ذلك قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [النور: ٥٩]، وقول النبي ﷺ: «رفع القلم عن ثلاث»، فذكر الصبي حتى يحتلم. فصل وللصبي فيما دون الاحتلام حالان: حال لا يعقل فيها معنى القربة، وحال يعقل فيها معناها. فأما الحال التي لا يعقل فيها معناها فهو فيها كالبهيمة والمجنون ليس بمخاطب بعبادة ولا مندوب إلى فعل طاعة. وأما الحال التي يعقل فيها معنى القربة فاختلف هل هو فيها مندوب إلى فعل الطاعة كالصلاة والصيام والوصية عند الممات وما أشبه ذلك، فقيل إنه مندوب إليه، وقيل ليس بمندوب إلى شيء من ذلك وإن وليه هو المخاطب بتعليمه وتدريبه والمأجور على ذلك. والصواب عندي أنهما جميعا مندوبان إلى ذلك مأجوران عليه. «قال رسول الله ﷺ للمرأة التي أخذت بضبعي الصبي ورفعته من المحفة إليه وقالت ألهذا حج يا رسول الله قال نعم ولك أجر» وهذا واضح. والثالث بلوغ دعوة الرسول ﷺ. والدليل على ذلك قول الله ﷿: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ [الإسراء: ١٥]، وما أشبه ذلك من الآيات.
فصل
في وجوب الاستدلال
وقد نبه الله ﵎ عباده المكلفين على الاستدلال بمخلوقاته على
1 / 13