واحد منهما؛ لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم وأراد الآخر إماتته فتمت إرادتهما جميعا لكان الجسم حيا ميتا في حال واحد، ولو لم تتم إرادة واحد منهما لكان الجسم لا حيا ولا ميتا في حال واحد، وهذا من المستحيل في العقل، فلم يبق إلا أن يتم مراد أحدهما ولا يتم مراد الآخر. فالذي تتم إرادته هو الله القادر، والذي لم تتم إرادته ليس بإله لأنه عاجز مغلوب. وهذا الدليل يسمونه دليل التمانع، وقد نبه الله تعالى عليه في كتابه بقوله: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢]، وبقوله: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: ٩١].
ومن أدلة العقول على أنه قديم أنه لو كان محدثا لوجب أن يكون له محدث، إذ لو جاز وجود محدث دون محدث لجاز وجود كتابة دون كاتب وبناء دون بان، وهذا من المستحيل في العقل. وكذلك القول في محدثه ومحدث محدثه حتى يستند ذلك إلى محدث أول لا محدث له وهو الله رب العالمين. فصل ومن أسمائه التي دلت دلائل العقول على استحقاقه لها كونه حيا عالما قادرا مريدا.
فمن أدلة العقول: على أنه عالم قادر مريد كونه خالقا لجميع المخلوقات مخرجا لها من العدم إلى الوجود. فلو لم يكن قادرا لما تأتى له الفعل؛ لأن الفعل لا يتأتى إلا لقادر. وقد نبه الله تعالى عليه بقوله: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ﴾ [يس: ٨١]، ولو لم يكن عالما لما ميز ما يوجده ويخلقه مما لا يوجده ولا يخلقه، ولاشتبهت عليه صفات المخلوقات على اختلاف أجناسها تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وقد نبه الله تعالى
1 / 18