ترجمة موجزة للمؤلف
هو أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو طاهر السَّلَفِي الجُرْواءاني الأصبهاني، ولد سنة خمس وسبعين بعد الأربعمائة أو قبلها بسنة على ما رجّحه الذهبي ﵀، وطلب الحديث من صغره، وارتحل وهو دون العشرين سنة، فدخل بغداد وسمع بها، وسمع أيضًا بالكوفة وواسط والبصرة ومكة والدَّينَّوْر وشهرستان وبلاد أخرى عديدة، وأملى عدّة مجالس بسَلَمَاس وهو شاب، وانتخب على غير واحد من المشايخ، وكتب العالي والنازل، ونسخ من الأجزاء ما لا يحصى كثرة، وبقي في الرحلة ثمانية عشر عامًا يكتب الحديث والفقه والأدب والشعر.
وقدم دمشق سنة تسع وخمسمائة فأقام بها سنتين، ثم استوطن ثغر الإِسكندرية بضعًا وستين سنة؛ بقي بها إلى أن مات ﵀ وهو ينشر العلم ويحصِّلُ الكتب التي قلّ ما لعالم مثلها في الدّنيا.
وكان مُكِبًّا على الكتابة والاشتغال والرواية، لا راحة له غالبًا إلاَّ في ذلك؛ حتّى روي عنه أنه قال: "لي سِتُّون سنة بالإِسكندرية ما رأيت منارتها إلاَّ من هذه الطاقة، وأشار إلى غرفته التي يجلس فيها".
وقال عنه تلميذه عبد القادر الرُّهاوي: "بلغني أن مدة مقامه بالإِسكندرية ما خرج منها إلى بستان ولا فُرْجة سوى مرة واحدة، بل كان لازمًا مدرسته، وما كنا نكاد ندخل عليه إلاَّ ونراه مطالعًا في شيء، وكان حليمًا متحملًا لجفاء الغرباء".
وقد اشتهر الحافظ السِّلفي بالإِكثار من الشيوخ؛ فقد ذكر الحافظ أبو القاسم
1 / 6