Arap Belağatını İncelemeye Giriş
مقدمة لدراسة بلاغة العرب
Türler
في مقدمة كتابه تاريخ البلاغة الفرنسية،
8
وقال: إن ذلك معنى سلبي للبلاغة؛ لأنه يجعلها أشبه بتاريخ للأفكار أو الأخلاق ... قال: «ولا مناص من الرجوع إلى المؤلفات نفسها، لا إلى الملخصات والمختصرات؛ إذ لا يكفي معرفة فن التصوير بقراءة تاريخية، بدون أن ينظر الإنسان إلى الصور نفسها، والبلاغة كالفنون لا يمكن التفرقة بينها وبين شخصية الكاتب.» إذ إنها تحتوي على معان ودقائق تتجدد كلما أنعم الإنسان النظر فيها، كما أن القصيدة الواحدة كلما قرأها القارئ تأثرت نفسه بأثر جديد، وفهم منها شيئا جديدا، بل هي عبارة عن تمرين فكري، ونوع من ترقية الذوق، وضرب من السرور. وقال الأستاذ لنسون
M. Lanson : «والبلاغة لا تتعلم ولا تحفظ. ولكن يتعهدها الإنسان بالتنمية، ويميل إليها ويحبها.» فمن خواصها أنها توجد للنفس لذة عقلية وسرورا نفسيا، وذلك يساعد على تربية الذوق واستعداد الفكر لقبول الجمال، كما أنها وسيلة من وسائل تربية النفوس تربية فنية.
وإذا كان من غرض المشرع الأمر والنهي، ليعمل الناس الخير ويتجنبوا الشر، فليس من غرض البليغ - أي الكاتب أو الشاعر - عرض حقيقة من الحقائق، ولا أمر ولا نهي. ولكن غرضه الأول أن ينال من قلب السامعين والقارئين، ويؤثر فيهم ويحرك من نفوسهم، سواء قرب من الحقيقة أم بعد عنها. ومن هذه الوجهة ربما يصح أن نلتمس عذرا لأدباء العرب الذين قالوا في الشعر: «إن أكذبه أعذبه.» ولكن تهذيب الإنسان وتعلمه العلوم والفنون المختلفة في هذه الأيام، حمله على ألا يقبل شيئا خاليا من معنى، أو محتويا على فكر غير صحيح؛ ولذلك ظهرت الحركة العلمية الأدبية الآن، وغرض العلماء منها أن يمزجوا أنواع البلاغة بأنواع العلوم، وألا تكون البلاغة عبارة عن خيالات محضة، أو تصورات بعيدة عن الحقائق، وزجوا بها من مكانها إلى موضع آخر أقرب إلى العلوم، وظهرت القصص العديدة المملوءة بالمعلومات المفيدة والفنون المتعددة. ولكن لا يزال هناك حد فاصل بين البلاغة والعلم؛ لأن البلاغة دراسة العقول وحالة الاجتماع، فهي عبارة عن معلومات عامة، وملاحظات للكاتب، وتأثرات اكتسبها من الخارج، دخلت في نفسه وخرجت للناس لابسة شخصيته. ولم تغير حركة الإيجابيين
Les Positivistes
العلمية من البلاغة إلا طريقة التصور والخيال. أما البلاغة من حيث إنها فن سره في تركيب اللفظ، ووحي النفس، فلم تتغير بحال ما، وكل ما تغير هو موضوعاتها التي أصبحت مبنية على التعقل والتدبر، وعلى عرض الحياة عرضا مملوءا بالحكمة والعبرة. وهذا أثر العلوم الحديثة وأثر تعلم الإنسان وتربيته تربية علمية.
أنواع البلاغة
البلاغة أو الكلام البليغ فن من الفنون الجميلة الفطرية للإنسان؛ لأنه مدفوع بطبيعة الحاجة إلى التفاهم، وسائر بفطرته إلى التعبير عما يجول بخاطره من سرور وحزن وآلام ولذة وارتياح. وكل متكلم يرغب في أن يكون له سلطان على نفوس السامعين، وأن يحملهم على تصديق ما يقول، والإنسان حساس يتأثر بصناعة الكلام، وتفعل فيه براعة المتكلم، وحسن العبارة ما لا ينال منه البرهان والتعقل. والكلام من وسائل الاستيلاء على العقول، وتقابل النفوس بعضها ببعض، ونشر الحقائق والأدلة والبراهين. وبقدر ما تكون براعة المتكلم أو الكاتب في الوصول إلى إفهام السامع ما يريد، وبلوغه المعنى الذي قصد، يكون كلامه أمتن، وتكون عبارته أبلغ إلى النفس؛ ومن هنا سمي الكلام بليغا.
ولكن بلوغ هذا المراد صعب، واختيار الألفاظ الدالة على المعاني المقصودة دلالة تامة عسير، وكل إنسان له استعداد خاص، وميل لنوع من التعبير يوافق طبعه، وينطبق على مزاجه. والمعاني كثيرة مختلفة، والألفاظ الدالة عليها تختلف في وضوح الدلالة ودرك المعنى؛ ولذلك اختلفت التعابير، وتباينت الدلالات. وتتفاوت ضروب البلاغة بتفاوت الاستعداد الفطري، وقوة العقول، وقالوا: «اختيار المرء قطعة من عقله.»
Bilinmeyen sayfa